Jumat, 26 Oktober 2012

KITAB TA'LIM MUTA'LIM


التعريف بالمؤلف
برهان الإسلام الزرنوجى

1- إسمه
          الزرنوجى نسبة إلى بلده زرنوج، وهى كما يقول القرشى صاحب الجواهر المضيئة[1]، من بلاد الترك. أما ياقوت الحموى فقال عنها فى معجمه[2]: بلد مشهور بما وراء النهر بعد خوجند من أعمال تركستان[3].
          وما وراء النهر هى البلاد الواقعة وراء نهر جيحون بخراسان التى قال عنها ياقوت: من أنزه الأقاليم وأخصبها وأكثرها خيرا[4]. وأول من أرسل الجيوش لفتحها هو الحجاج بن يوسف (توفي 95هـ/ 714 م) بأمر من الخليفة ـ عبد الملك بن مروان بن الحكم (توفي سنة 86 هـ/705 م).
2- شخصيته
          إن قلة المعلومات حول حياة الزرنوجى لا تغنى بالتالى استحالة تكوين فكرة عن شخصيته التى تلمسها بوضوح فى كتابه، فمن خلال قراءة كتاب (تعليم المتعلم) تتبين لنا ملامح تلك الشخصية فهو: فقيه حنفى متعصب لمذهبه، وتبعيته لمذهبه تظهر فى مصنفه الذى أورد فيه العديد من الإستشهادات والأقوال السائرة، أغلبها لعلماء وفقهاء أحناف، مع أن الكتاب لا يمت بصلة إلى أى من مواضيع الفقه ولا يتناول مذهب الإمام أبى حنيفة بأية دراسة، وتظهر أيضا بتلميحه إلى بعض كتب الأحناف المختصرة فى الفقه، التى رأى أن على المتعلم حفظها فى بداية طريق التعلم، بل أوجب تقطيع الورق للكتابة على ما كان يفعله الإمام أبى حنيفة (انظر ص 84).
          عذا اهتمام الزرنوجى بالناحية الفقهية، فقد وصفه المستشرق بلسنر(Plessner  ) بأنه فيلسوف عربى[5]. ولا ندرى على أى مرجع اعتمد فى تأكيده لدراسة الزرنوجى الفلسفة ورسمه بالفيلسوف، أما أن يكون الزرنوجى عربيا فهذا وهم بين، فإن صاحبنا ولد ونشأ فى منطقة توصف بأنها من (بلاد الترك) فهو ليس عربيا رغم معرفته وكتابته بالعربية والتى كانت لغة الحضارة الإسلامية فى كل بلاد الإسلام، كما أنه ليس هناك ما يدل على أن أصله من العرب القاطنين فى تلك المناطق. كما يحرص مؤلف كتب التراجم على ذكر هذه النسبة فيمن تتوفر له، ولذلك فقد كان من الأجدر به أن يعرف الزرنوجى بأنه: عالم تربوى أو فقيه حنفى أو غير ذلك مما يتناسق مع شخصيته ومما يتوفر له الدليل.
          وبهذه النسبة أيضا عرف رجل آخر هو النعمان بن إبراهيم الزنوجى، ذكره صاحب الجواهر المضيئة[6] فى ترجمة المؤلف فقال: هو فى طبقة النعمان بن إبراهيم الزرنوجى، وقد توفي ـ كما ذكر فى موضع آخر[7] ـ عام 640/ 1242 فى بخارى. لقبه: تاج الدين، وكان أديبا، وله الموضح فى شرح مقامات الخريرى.

3- شيوخه
          أخذ الزرنوجى العلم عن عدد من مشايخه وعلماء عصره المشهورين والمكثرين من التصنيف فى الفقه والأدب، يجمعهم قاسم مشترك وهو كونهم من الأحناف. ولا شك أن دراسة المرء العلم على رجال من مدرسة فكرية ومذهبية واحدة، وخصوصا المدارس التى تكونت لها جذورا علمية عميقة ولعبت دورا مجتمعيا هاما، إن هذه الدراسة عليهم تترك بصماتها واضحة ثابتة على منهجه العلمى الذى لن يجعل سوى متابعة ذات التوجه الفكرى ولا يحيد عن طريقه وذلك مما يمكن أن يدرك بسهولة تامة.
          إن مرجعنا الرئيسى فى التعرف على مشايخه هو كتابه فقد ذكر فيه عددا منهم وأورد أقوالا تنسب إليهم.
          أما أشهر من أكثر النقل عنه فى مواضع عديدة من الكتاب فهو برهان الدين علي بن أبى بكر المرغينانى المتوفى عام 593/ 1197 م وصاحب كتاب الهداية فى الفقه وكثير من التصانيف وهو من كبار فقهاء الأحناف فى عصره.
          والآخرون فمنهم:
- ركن الإسلام محمد بن أبى بكر المعروف بخواهر زاده أو إمام زاده، مفتى أهل بخارى وهو فقيه وأديب وشاعر، توفي عام 573/ 1177 م.
- حماد بن إبراهيم: فقيه وأديب ومتكلم توفي عام 576 هـ/ 1180 م.
- فخر الدين الكاشانى: وأغلب الظن أنه أبو بكر بن مسعود الكاشانى صاحب كتاب (بدائع الصنائع) فى الفقه، توفى عام 587/ 1191.
- فخر الدين قاضى خان الأوزجندى، له العديد من المؤلفات الفقهية وكان مجتهدا، توفي 592/ 1196.
- الأديب المختار ركن الدين الفرغانى: فقيه وأديب وشاعر، المتوفى عام 594/ 1198.

4- مؤلفاته
          عرف برهان الإسلام الزرنوجى بأنه مؤلف كتاب تعليم المتعلم، ولم يشتهر كتابه بنسبته إليه عكس من المصنفين، فقد ترجم له غير واحد بأنه (... مصنف كتاب تعليم المتعلم)[8]. وهذا دليل على شهرة أمر الكتاب لأهميته مع قلة المعلومات حول صاحبه كما سبق ذكره.
          عدا ذلك فإننا نستنتج فائدة أخرى، وهى أن هذا الكتاب هو المصنف الوحيد الذى كتبه الزرنوجى ولم يكن له نتاج علمى آخر، لا فى التربية ولا فى الفقه أو غيره من العلوم طالما أن جميع من حكى عنه اكتفى بذكر كتابه هذا.
          وعلى ذلك فإن ما كتبه المستشرق بلسنر فى الموسوعة الإسلامية[9] من أن تعليم المتعلم: (هو الكتاب الوحيد الذى بقى من مؤلفات الزرنوجى) يحمل فى ضمنه التأكيد على أن هناك مؤلفات أخرى له وأنها ضاعت واندثرت. ونحن نعتبر أن ما قاله بلسنر هو محل ادعاء لأمر غير موجود طالما أنه لم يورد الدليل عليه، صحيح أن الغزو المغولى الذى حدث أواخر أيام الزرنوجى وفى بلاده بالذات ربما يكون قد أباد ودمر، إلا أن القضية تبقى فى جانب الظن.
                  
5- متى عاش الزرنوجى؟
          لم نجد فى المراجع سنة ولادة أو سنة وفاة الزرنوجى، مما يصعب معه بادئ ذى بدء أن نعين بالضبط الفترة التى عاش فيها، فكما أغفلت كتب التراجم ذكر معطيات كاملة حول شخصيته، لم تنقل لنا كذلك ما يفيد عن السنوات التى اشتهر أمره بها أو ألف كتابه خلالها.
          فى الكتابات الحديثية عن الزرنوجى وآرائه فى التعلم ذكرت سنة وفاته أنها عام 591 أو 593 أو 597[10] دون دليل أو اكتفى بذكر أنه من أبناء القرن السادس الهجرى دون تحديد[11].
          وعند أول قراءتنا للمخطوط وكذلك النسخ المطبوعة تولد لدينا شك فى صحة نقل من أورد سنة وفاته على الشكل المذكور، وقد غلب على ظننا أن وفاته تأخرت إلى ما بعد ذلك بكثير باعتبار أن بعض مشايخه الذين ذكرهم فى الكتاب توفوا فى العشر الأواخر من القرن السادس الهجرى، ومن بديهيات الأمور أنه تلقى عليهم العلم شابا مع كبر سنهم مما يرجح كونه قد عاش إلى بدايات القرن السابع الهجرى.
          وقد اطلعت على ما كتبه بلنسر فى الموسوعة الإسلامية فى بحثه عن الزرنوجى فقد أكد على تأخر وفاته عما ذكر دون أن يحددها ويرجح أنه قد ألف كتابه بعد عام 593[12]، وذلك بناء على الفرق الطبيعى للأعمار بينه وبين أساتذته. إن ما ذهبنا إليه بالنسبة إلى الشك فى سنة وفاته يعنى ـ وإن يكن بلنسر قد سبقنا فيه ـ أن المنهج الذى اتبعناه فى التعرف على هذه القضية مقبول إلى درجة ما، وخصوصا أننا ذهبنا إلى تحديد وفاته بشكل أدق. فقد ذكر آلوارت[13] أن الزرنوجى قد نبه ذكره حوالى عام 620/ 1223، ووجدنا ما يؤيده وذلك فيما كتبه القرشى فى الجواهر من أن الزرنوجى هو فى طبقة النعمان بن إبراهيم الزرنوجى المتوفى عام 640 هـ. فإن لم يكن الزرنوجى قد توفي فى ذلك العام ـ مع إمكانية حدوثه ـ فقد توفي قريبا لأنه عاصر النعمان وعاش فى نفس الجليل أى الثلث الأول على الأقل من القرن السابع الهجرى.
          وبذلك يمكن لنا التأكيد على أن الزرنوجى قد عاش فى الفترة ما بين منتصف القرن السادس إلى نهاية الثلث الأول من القرن السابع الهجرى وعلى أن ما كتب عن سنة وفاته وهم. وهذا التحديد يعنينا بشكل خاص للحرص على صحة نقل كل ما يمس الزرنوجى من معلومات.
          والزرنوجى ـ ككل إنسان غالبا ـ ابن عصره وبيئته بأفكاره وعلومه ومعتقداته وهو أيضا ككل مثقف وكاتب أو مشارك فى ثقافة عصره يتأثر بواقع بيئته السياسى والإجتماعى والعلمى والحاضرى ليقدم بعد ذلك نتاجا يؤثر فى واقعه، على اختلاف فى درجة التأثير والتغيير.
          فما هو عصر الزرنوجى؟ وما هى سمات تلك الفترة التى عاش فيها؟

6- عصر الزرنوجى
            لعل القرنين السادس والسابع الهجريين حملا الكثير من ملامح القرون السابقة التى شهدت انفصالا حقيقيا بين الأوضاع السياسية وبين ازدهار المدنية الإسلامية. ففى الوقت الذى نرى فيه الصراع السياسى وتفكك الدولة العظمى إلى إمارات ومناطق نفوذ، ندهش لما أنتجته تلك المدنية من أفكار وعلوم، وعلماء وأدباء فى شتى نواحى المعرفة.
          وهذان القرنان (السادس والسابع) وإن حملا تلك الملامح البارزة، فقد اختصا بمعاصرة الرياح العاتية التى ضربت شجرة الحضارة، وذلك من البدايات الأولى للإهتزاز حتى الهجمة العنيفة التى أطاحت بكثير من أجزاء كيان تلك الشجرة.
          وعليه فمن كان ابن ذاك العصر سيحرص بالتأكيد على المشاركة قدر طاقته فى المحافظة على ما لدى بيئته وزمانه، ورد الأمور إلى أصولها، وذلك كحد أدنى إن لم يستطع أن يعيد هو ما فقدته أمته خلال التصادم.
          أما من ناحية المدنية الإسلامية فقد تابعت وقتئذ مسيرتها وازدهرت ثقافتها رغم كل الظروف الصعبة من حروب داخلية مدمرة ومن تعدد المذاهب الكلامية والفلسفية وكثرة الفرق والمذاهب. وقد قام السلاجقة بدور هام فى إيجاد مكان ثابت للإزدهار بعد أن قضوا نوعا ما على الإهتزاز السياسى الذى كاد أن يدمر الحضارة وأعادوا للخلافة العباسية بعض مظهرها، مع احتفاظهم بالسيطرة الفعلية لأنفسهم، وذلك فيما وراء النهر وفارس والعراق. والمضمون الثقافى لهذا الإستقرار النسبى كان فى جهد السلاجقة بإنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية والمعاهد الدينية، والذى يمكن اعتباره العمل الأول من نوعه فى التاريخ الإسلامى. وقد كانت المدرسة النظامية فى نيسابور وبغداد أنموذجا لتخريج العلماء وللنشر الثقافى والفكر المتطور.
          وكذلك كان الحال أيام الأيوبيين، الذين دامت سلطتهم من سنة 546 هـ إلى 647 هـ، والذين تفوقوا على السلاجقة فى رعاية العلم والثقافة بإنشاء المدارس المتعددة التخصصات والتى فتحت أبوابها لكل راغب فى التعلم. كما وان كثرة عدد المدارس كان صورة واضحة المعالم عن عمق الثقافة وأثرها فى المجتمع المسلم.
          أما الوضع السياسى فقد كان يعانى فى جبهتين: داخلية وخارجية. فالوضع الداخلى كان قد وقع فى تمزق عنيف نتيجة صراع السلاجقة المتأخرين وبالذات أبناء السلطان السلجوقى ملكشا كاد يدمر ما رممه أوائلهم. أما المعاناة الخارجية فكانت نتيجة الهجمات الغربية التى سميت بالحروب الصليبية. وهذه الحروب ـ كما يرى ابن الأثيرـ سلسلة من الردود الغربية على التوسع الإسلامى والتى بدأت بالهجمة على الأندلس وغزو طليطلة عام 478 هـ/ 1085 م[14]. وقد تتابعت الحملات الصليبية على المشرق المسلم بشكل متواصل حتى بدايات القرن السابع الهجرى.
          ورغم أن السلاجقة المتصارعين نجحوا فى رد الغزو الصليبى، فقد وجد الصليبيون لأنفسهم موطئ قدم فى هذه البلاد، ولم يفلح فى إزاحتهم عنه سوى السلطان الأيوبى صلاح الدين فى معركته الكبرى لاستعادة بيت المقدس عام 583/1187، ومن ثم طردهم نهائيا على يد السلطان المملوكى قلاوون (حكم من سنة 678-689) وابنه الملك الأشرف خليل ( 689-693). ومن ناحية أخرى تعرض العالم الإسلامى إلى ضربة عنيفة أخرى، أقوى من سابقتها، وكانت على يد التتار. وكان أثرهم فى التدمير كبيرا لدرجة أنهم قضوا على كل مظهر حضارى، حتى أن المؤرخ ابن الأثير اعتبر أن وصفه لهذا الحدث سيكون (نعيا للإسلام والمسلمين)[15]. وقد بدأ غزوهم للعالم الإسلامى عام 617، بدءا من بلادهم على حدود الصين إلى أطراف بلاد الشام، وبين هاتين المنطقتين دمروا كل ما وجد فى طريقتهم.
          تلك لمحة تاريخية عن الفترة التى عاش فيها الزرنوجى بإزدهارها وبكوارثها. ولا شك أن هذا التصادم الثقافى ـ الحربى مع الصليبيين، والتدميرى مع المغول، أثار فى نفوس المسلمين وعيا للخطر الثقافى عليهم ورغبة فى التمسك بالأصول والعودة إلى الأخذ بمناهج القديم.
          ومن هنا فإن فى طيات كتاب الزرنوجى لمحة من هذا التوجه الذى يعبر عن مشاركة المؤلف فى قضايا بيئته وعصره.
          أما قضية العودة إلى الأصول والتمسك بمناهجه فهو أمر شديد الحساسية ويتطلب دقة فى السلوك الفكرى، فما حدث سابقا فى تلك الفترة وإن يكن معبرا عن إيجابية فى ضرورة الإعتماد على الجذور الحضارية الأصيلة إلا أنها كانت فى ذات الوقت أثرا لردة فعل وبرأينا إن ردات الفعل قلما تنتهج الطريق السوى الموصل للهدف. ولهذا، فإن العودة إلى الأصول أدت ببعض المسلمين وقتها إلى التقوقع الفكرى وبالذات إلى التقوقع التربوى التعليمى، وذلك بحصر التربية والتعليم فى ثوابت ثقافية لم تستطع الخروج منها طيلة قرون.

7- تقريب الكتاب
          يحتل موضوع التعلم مكانا بارزا فى علم النفس التربوى، لما له من دور مهم فى العملية التربوية التعليمية. وله أيضا المكانة الرئيسية فى علم النفس العام، فإن كثيرا من العادات وأنماط السلوك والقيم والإتجاهات يمارسها الإنسان بعد تعلمها من خلال احتكاكه بظروف الحياة العامة. كما أنه من خلال دراسة التعلم تتمكن المؤسسات التربوية من وضع خطط التوجيه السليم لأفرادها لتصل بهم إلى الأهداف الموضوعة لهم[16].
          ومن هنا تأتى أهمية كتاب الزرنوجى عن (طريق التعلم) الذى يعطينا فهمه وتصور عصره للملامح العملية لكيفية تطبيق أسس النظرية الإسلامية التربوية. وهو فى عرضه لتلك الملامح يتبنى بعض ما كان معروفا قبله من الكتب والأبواب ـ والفصول المتخصصة فى العلم والتربية، كما يصف الملاحظات المبنية على التجارب الشخصية وخبرة معلميه. لذلك فإن عملية التعرف على (طريق التعلم) الذى وضعه الزرنوجى يجب أن تنتهج السلوك المعتدل فى الحكم عليه، فلا يبالغ المرء بالإعجاب به ويقول بسبق الزرنوجى لعلماء التربية الحديثة فى بعض الأسس التعليمية، ولا يبالغ أيضا بالرفض ويصف الكتاب بعدم الأهمية بسبب بعض الآراء الواردة فيه التى لا تتجاوز مفاهيم عصره.
          فى ثلاثة عشرة فصلا يعرض الزرنوجى تصوره لطريق التعلم، ويرى أن هذا الطريق هو الأسلوب الأمثال لعملية التعلم، وأن ما يعرضه هو نصيحة للمتعلمين يجب الأخذ بها وإلا فلن يتمكنوا مما يرغبون به.

مقدمة

          الحمد لله الذى فضل على بنى آدم بالعلم والعمل على جميع العالم، والصلاة والسلام على محمد سيد العرب والعجم، وعلى آله وأصحابه ينابيع العلوم والحكم.
          وبعد...
          فلما رأيت كثيرا من طلاب العلم فى زماننا يجدون إلى العلم ولايصلون [ومن منافعه وثمراته ـ وهى العمل به والنشر ـ يحرمون] لما أنهم أخطأوا طريقه وتركوا شرائطه، وكل من أخطأ الطريق ضل، ولاينال المقصود قل أو جل، فأردت وأحببت أن أبين لهم طريق التعلم على ما رأيت فى الكتب وسمعت من أساتيذى أولى العلم والحكم، رجاء الدعاء لى من الراغبين فيه، المخلصين، بالفوز والخلاص فى يوم الدين، بعد ما استخرت الله تعالى فيه، وسميته:
تعليم المتعلم طريق التعلم1
وجعلته فصولا:
1.    فصل : فى ماهية العلم، والفقه، وفضله.
2.    فصل : فى النية فى حال التعلم.
3.    فصل : فى اختيار العلم، والأساتذ، والشريك، والثبات.
4.    فصل : فى تعظيم العلم وأهله.
5.    فصل : فى الجد والمواظبة والهمة.
6.    فصل : فى بداية السبق وقدره وترتيبه.
7.    فصل : فى التوكل.
8.    فصل : فى وقت التحصيل.
9.    فصل : فى الشفقة والنصيحة.
10.    فصل : فى الإستفادة واقتباس الأدب.
11.    فصل : فى الورع.
12.    فصل : فيما يورث الحفظ، وفيما يورث النسيان.
13.    فصل : فـيمـا يجـلب الـرزق، وفيـما يمـنع، وما يزيـد فى العـمـر، وما ينقص.
          وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.













فصل
فى ماهية العلم، والفقه، وفضله

          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
          طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة[17]
          اعلم, بأنه لايفترض على كل مسلم، طلب كل علم وإنما يفترض عليه طلب علم الحال كما قال: وأفضل العلم علم الحال، وأفضل العمل حفظ الحال[18] ويفترض على المسلم طلب ما يقع له فى حاله، فى أى حال كان[19]، فإنه لابد له من الصلاة فيفترض عليه علم ما يقع له فى صلاته بقدر ما يؤدى به فرض الصلاة، ويجب عليه بقدر ما يؤدى به الواجب، لأن ما يتوسل به إلى إقامة الفرض يكون فرضا، وما يتوسل به إلى إقامة الواجب يكون واجبا[20].
          وكذا فى الصوم، والزكاة، إن كان له مال، والحج إن وجب عليه.
          وكذا فى البيوع إن كان يتجر.
          قيل لمحمد بن الحسن[21]، رحمة الله عليه: لما لاتصنف كتابا فى الزهد؟
          قال: قد صنفت كتابا فى البيوع، يعنى: الزاهد من يحترز عن الشبهات والمكروهات فى التجارات.
          وكذلك فى سائر المعاملات والحرف، وكل من اشتغل بشيئ منها يفترض عليه علم التحرز عن الحرام فيه.
          وكذلك يفترض عليه علم أحوال القلب من التوكل والإنابة والخشية والرضى، فإنه واقع فى جميع الأحوال.
          وشرف العلم لايخفى على أحد إذ هو المختص بالإنسانية لأن جميع الخصال سوى العلم، يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات: كالشجاعة والجراءة والقوة والجود والشفقة وغيرها سوى العلم.
          وبه أظهر الله تعالى فضل آدم عليه السلام على الملائكة، وأمرهم بالسجود له[22].
          وإنما شرف العلم بكونه وسيلة الى البر[23] والتقوى، الذى يستحق بها المرء الكرامة عند الله، والسعادة والأبدية، كما قيل لمحمد بن الحسن رحمة الله عليهما شعرا:
تعـلـم فــإن الـعلـم زيـن لأهــلــه        
                             وفــضـل وعــنـوان لـكـل مـــحامـد
وكــن مـستـفـيدا كـل يـوم زيـادة
                             من العـلم واسـبح فى بحـور الفوائـد
تـفـقـه فإن الـفــقـه أفــضـل قائـد
                             الى الــبر والتـقـوى وأعـدل قـاصـد
هو العلم الهادى الى سنن الهدى
                             هو الحصن ينجى من جميع الشدائد
فـإن فـقيــهـا واحــدا مــتـورعــا
                             أشـد عـلى الشـيطـان من ألـف عابد[24]
          (والعلم وسيلة إلى معرفة: الكبر، والتواضع، والألفة، والعفة، والأسراف، والتقتير، وغيرها)[25]، وكذلك فى سائر الأخلاق نحو الجود، والبخل، والجبن، والجراءة.
          فإن الكبر، والبخل، والجبن، والإسراف حرام، ولايمكن التحرز عنها إلا بعلمها، وعلم ما يضادها، فيفترض على كل إنسان علمها.
          وقد صنف السيد الإمام الأجل الأستاذ الشهيد ناصر الدين أبو القاسم[26] كتابا فى الأخلاق ونعم ما صنف، فيجب على كل مسلم حفظها.
          وأما حفظ ما يقع فى الأحايين ففرض على سبيل الكفاية، إذا قام البعض فى بلدة سقط عن الباقين، فإن لم يكن فى البلدة من يقوم به اشتركوا جميعا فى المأثم، فيجب على الإمام أن يأمرهم بذلك، ويجبر أهل البلدة على ذلك.
          قيل: إن العلم ما يقع على نفسه فى جميع الأحوال بمنزلة الطعام لابد لكل واحد من ذلك.
          وعلم ما يقع فى الأحايين بمنزلة الدواء يحتاج إليه (فى بعض الأوقات)[27].
          وعلم النجوم بمنزلة المرض، فتعلمه حرام، لأنه يضر ولاينفع، والهرب عن قضاء الله تعالى وقدره غير ممكن.
          فينبغى لكل مسلم أن يشتغل فى جميع أوقاته بذكر الله تعالى والدعاء، والتضرع، وقراءة القرآن، والصدقات [الدافعة للبلاء][28] [والصلاة][29] ، ويسأل الله تعالى العفو والعافية فى الدين والآخرة[30] ليصون الله عنه تعالى البلاء والآفات، فإن من رزق الدعاء لم يحرم الإجابة.
          فإن كان البلاء مقدرا يصيبه لامحالة، ولكن يبر الله عليه[31] ويرزقه الصبر ببركة الدعاء.
اللهم إذا تعلم من النجوم قدرما يعرف به القبلة، وأوقات الصلاة فيجوز ذلك[32] وأما تعلم علم الطب فيجوز، لأنه سبب من الأسباب فيجوز تعلمه[33] كسائر الأسباب.
          وقد تداوى النبى عليه السلام[34]، وقد حكى عن الشافعى[35] رحمة الله عليه أنه قال: العلم علمان: علم الفقه للأديان، وعلم الطب للأبدان، وما وراء ذلك بلغة مجلس[36].
          وأما تفسير العلم: فهو صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت هى به كما هو.
          والفقه: معرفة دقائق العلم مع نوع علاج[37].
          قال أبو حنيفة رحمة الله عليه: الفقه معرفة النفس ما لها وما عليها.
          وقال: ما العلم إلا للعمل به، والعمل به ترك العاجل الآجل.
          فينبغى للإنسان أن لايغفل عن نفسه، ما ينفعها وما يضرها، فى أولها وآخرها، ويستجلب ما ينفعها ويجتنب عما يضرها، كى لايكون عقله وعمله حجة فيزداد عقوبة، نعوذ بالله من سخطه وعقوبه.
          وقد ورد فى مناقب العلم وفضائله، آيات وأخبار صحيحة مشهورة[38] لم نشتغل بذكرها كى لايطول الكتاب.

 

 

 




فصل

فى النية فى حال التعلم

          ثم لابد له من النية فى زمان تعلم العلم، إذ النية هى الأصل فى جميع[39] الأفعال لقوله عليه السلام: إنما الأعمال بالنيات. حديث صحيح[40].
          [روى] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم من عمل يتصور بصورة عمل الدنيا، ثم يصير بحسن النية من أعمال الآخرة، وكم من عمل يتصور بصورة عمل الآخرة ثم يصير من أعمال الدنيا بسوء النية[41].
          وينبغى أن ينوى المتعلم بطلب العلم رضاء الله والدار الآخرة، وإزالة الجهل عن نفسه، وعن سائر الجهال، وإحياء الدين وإبقاء الإسلام، فإن بقاء الإسلام بالعلم، ولايصح الزهد والتقوى مع الجهل[42].
          وأنشدنا الشيخ الإمام الأجل الأستاذ برهان الدين[43] صاحب الهداية لبعضهم شعرا:
فـساد كـبير عـالم مـتهتـك       وأكـبر منه جاهل متنسك[44]
هما فتنة للعالمين عظيمة        لمن بهما فى دينه يتمسك
          وينوى به: الشكر على نعمة العقل، وصحة البدن, ولا ينوى به إقبال الناس عليه، ولا استجلاب حطام الدنيا، والكرامة عند السلطان وغيره.
          وقال محمد بن الحسن رحمة الله عليهما: لو كان الناس كلهم عبيدى لأعتقتهم وتبرأت عن ولائهم.
          [وذلك لأن] من وجد لذة العلم والعمل به، قلما يرغب فيما عند الناس.
          أنشدنا الشيخ الإمام الأجل الأستاذ قوام الدين حماد بن إبراهيم بن إسماعيل الصفار الأنصارى[45] إملاء لأبى حنيفة رحمة الله عليه:
          من طلب العلم للمعاد             فاز بفضل من الرشاد
          فـيالخسـران طالـبيـه             لـنيل فـضل من العباد
          اللهم إلا إّذا طلب الجاه للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وتنفيذ الحق، وإعزاز الدين لا لنفسه وهواه، فيجوز ذلك بقدر ما يقيم به الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
          وينبغى لطالب العلم: أن يتفكر فى ذلك، فإنه يتعلم العلم بجهد كثير، فلايصرفه إلى الدنيا الحقيرة القليلة الفانية.
          (قال النبى صلى الله عليه وسلم: اتقوا الدنيا، فوالذى نفس محمد بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت[46]).
          شعر:
          هى الـدنيا أقـل مـن الـقـليل      وعاشقها أذل من الذليل
          تصم بسحرها قوما وتعمى      فـهم مـتخيرون بلا دليل[47]
          وينبغى لأهل العلم أن لايذل نفسه بالطمع فى غير المطمع ويحترز عما فيه مذلة العلم وأهله.
          ويكون متواضعا، والتواضع بين التكبر والذلة، والعفة كذلك، ويعرف ذلك فى كتاب الأخلاق.
          أنشدنى الشيخ الإمام الأستاذ ركن الدين المعروف بالأديب المختار[48] شعرا لنفسه:
إن الـتواضـع مـن خـصـال المـتقى
                                       وبه التقى إلى المـعالى يرتقى
ومن العجائب عجب من هو جاهل
                                      فى حالة أهو السعيد أم الشقى
أم كـيـف يخــتم عـمـره أو روحــه
                                       يوم الـنوى مـتسفل أو مرتقى
والـكـــبـريـاء لـربـنـا صــفـة لــــه
                                       مـخـصـوصة فتجـنبها واتقى
          قال أبو حنيفة رحمة الله عليه لأصحابه: عظموا عمائمكم ووسعوا أكمامكم.
          وإنما قال ذلك لئلا يستخف بالعلم وأهله[49].
          وينبغى لطالب العلم أن يحصل كتاب الوصية التى كتبها أبو حنيفة رضى الله عليه ليوسف بن خالد السمتى[50] عند الرجوع إلى أهله[51]، يجده من يطلب العلم[52]
          وقد كان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين[53] على بن أبو بكر قدس الله روحه العزيز أمرنى بكتابته عند الرجوع إلى بلدى فكتبته، ولابد للمدرس والمفتى فى معاملات الناس منه، وبالله التوفيق.














فصل
فى اختيار العلم والأستاذ والشريك والثبات

          وينبغى لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه[54] وما يحتاج إليه فى أمر دينه فى الحال، ثم ما يحتاج إليه فى المآل.
          ويقدم علم التوحيد والمعرفة ويعرف الله تعالى بالدليل، فإن إيمان المقلد ـ وإن كان صحيحا عندنا ـ لكن يكون آثما بترك الإستدلال[55].
          ويختار العتيق دون المحدثات[56]، قالوا: عليكم بالعتيق وإياكم بالمحدثات، وإياك أن تشتغل بهذا الجدال الذى ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء، فإنه يبعد عن الفقه ويضيع العمر ويورث الوحشة والعداوة، وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلم والفقه،كذا ورد فى الحديث[57].
          أما اختيار الأستاذ: فينبغى أن يختار الأعلم والأورع والأسن، كما اختار أبو حنيفة، رحمة الله عليه، حماد بن سليمان[58]، بعد التأمل والتفكير، قال: وجدته شيخا وقورا حليما صبورا فى الأمور[59].
          وقال: ثبت عند حماد بن سليمان فنبت[60]
          وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: سمعت حكيما من حكماء سمرقند[61] قال: إن واحدا من طلبة العلم شاورنى فى طلب العلم، وكان قد عزم على الذهاب إلى بخارى[62] لطلب العلم[63].
          وهكذا ينبغى أن يشاور فى كل أمر، فإن الله تعالى أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بالمشاورة فى الأمور[64] ولم يكن أحد أفطن منه، ومع ذلك أمر بالمشاورة، وكان يشاور أصحابه فى جميع الأمور حتى حوائج البيت[65].
          قال على كرم الله وجهه: ما هلك امرؤ عن مشورة[66].
          قيل[67]:
          [الناس] رجل [تام] ونصف رجل، ولا شيئ فالرجل: من له رأي صائب ويشاور العقلاء، ونصف رجل: من له رأي صائب لكن لا يشاور، أو يشاور ولكن لا رأي له، ولا شيئ: من لا رأي له ولا يشاور.
          وقال جعفر الصادق[68] لسفيان الثورى[69]: شاور فى أمرك الذين يخشون الله تعالى[70].
          فطلب العلم من أعلى الأمور وأصعبها، فكانت المشاورة فيه أهم وأوجب.
          قال الحكيم[71] رحمة الله عليه: إذا ذهبت إلى بخارى فلا تعجل فى الإختلاف إلى الأئمة وامكث شهرين حتى تتأمل وتختار أستاذا، فإنك إن ذهبت إلى عالم وبدأت بالسبق[72] عنده فربما لا يعجبك درسه[73] فتتركه فتذهب إلى آخر، فلا يبارك لك فى التعلم.
          فتأمل فى شهرين فى اختيار الأستاذ، وشاور حتى لا تحتاج إلى تركه والاعراض عنه فتثبت عنده حتى يكون تعلمك مباركا وتنتفع بعلمك كثيرا.
          واعلم أن الصبر والثبات أصل كبير فى جميع الأمور ولكنه عزيز، كما قيل:
لكل إلى شأو العلا حركات      ولكن عزيز فى الرجال ثبات
          قيل: ما الشجاعة ؟
          [قيل]: الشجاعة صبر ساعة.
          فينبغى أن يثبت ويصير على أستاذ وعلى كتاب حتى لا يتركه أبتر، وعلى فن حتى لا يشتغل بفن آخر قبل أن يتقن الأول[74]، وعلى بلد حتى لا ينتقل إلى بلد آخر من غير ضرورة[75]، فإن ذلك كله يفرق الأمور ويشغل القلوب ويضيع الأوقات ويؤذى المعلم.
          وينبغى أن يصبر عما تريده نفسه وهواه.
          قال الشاعر:
إن الهوى لهو الهوان بعينه     وصريع كل هوى صريع هوان
          ويصير على المحن والبليات.
          قيل: خزائن المنن، على قناطير المحن.
          ولقد أنشدت، وقيل إنه لعلى بن أبى طالب كرم الله وجهه شعرا[76]:
ألا لـن تنــال الــعـلم إلا بســتة       سأنبيك عن مجموعها ببيان
ذكاء وحرص واصطباروبلغة[77]             وإرشاد أستاذ وطـول زمان
          وأما اختيار الشريك، فينبغى أن يختار المجد والوراع وصاحب الطبع المستقيم المتفهم، ويفر من الكسلان والمعطل والمكثار[78] والمفسد والفتان.
          قال الشاعر[79]:
عن المرء لا تسل وأبصر قرينه        
                             فـإن الـقرين بالمـقارن يقــتـدى[80]
فـإن كـان ذا شر فــجـنبه سرعـة       
                             وإن كان ذا خير فقارنه تهـتدى
         

وأنشدت شعرا آخر:
لا تصحـب الكسلان فى حـالته
                             كـم صـالــح بفـسـاد آخــر يفسـد
عدوى البليد إلى الجليد سريعة
                             كالجمر يوضع فى الرماد فيخمد
          قال النبى صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على فطرة الإسلام، إلا أن أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. الحديث[81].
          ويقال فى الحكمة بالفارسية:
باربد بدتـر بود ازمـاربد        بحـق ذات بـاك الله الصـمـد
باربد ازدترا سوى حجيم        بار نـيكــوكــير نابـى نعــيم[82]
          وقيل:
إن كنت تبغى العلم وأهله        أو شـاهدا يخـبـر عن غائب
فاعتبر الأرض بأسـمائها        واعتبر الصاحب بالصاحب[83]







فصل
فى تعظيم العلم وأهله

          اعلم أن طالب العلم لا ينال العلم ولا ينتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله، وتعظيم الأستاذ وتوقيره.
          قيل:
          ما وصل من وصل إلا بالحرمة، وما سقط من سقط إلا بترك الحرمة[84].
          وقيل: الحرمة خير من الطاعة، ألا ترى أن الإنسان لا يكفر بالمعصية، وإنما يكفر باستخفافها[85]، وبترك الحرمة.
          ومن تعظيم العلم تعظيم الأستاذ، قال على رضى الله عنه: أنا عبد من علمنى حرفا واحدا، إن شاء باع، وإن شاء استرق[86].
          وقد أنشدت فى ذلك:
رأيت أحق الحق حق المعلم     وأوجـبه حفظا على كل مسلم
لقد حق أن يهدى إليه كرامة    لتعليم حرف واحد ألف درهم
          فإن من علمك حرفا واحدا مما تحتاج إليه فى الدين فهو أبوك فى الدين.
          وكان أستاذنا الشيخ الإمام سديد الدين الشيرازى[87] يقول: قال مشايخنا: من أراد أن يكون ابنه عالما ينبغى أن يراعى الغرباء من الفقهاء، ويكرمهم ويطعمهم ويطيعهم شيئا، وإن لم يكن ابنه عالما يكون حفيده عالما.
          ومن توقير المعلم أن لايمشى أمامه، ولا يجلس مكانه، ولا يبتدئ بالكلام عنده إلا بإذنه، ولا يكثر الكلام عنده، ولا يسأل شيئا عند ملالته[88] ويراعى الوقت، ولا يدق الباب بل يصبر حتى يخرج الأستاذ.
          فالحاصل: أنه يطلب رضاه، ويجتنب سخطه، ويمتثل أمره فى غير معصية لله تعالى، فإنه لا طاعة للمخلوق فى معصية الخالق[89] كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: إن شر الناس من يذهب دينه لدنيا بمعصية الخالق[90].
          ومن توقيره: توقير أولاده ومن يتعلق به.
          وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين صاحب الهداية رحمة الله عليه حكى: أن واحدا من أكابر الأئمة بخارى كان يجلس مجلس الدرس، وكان يقوم فى خلال الدرس أحيانا فسألوا عنه, فقال: إن ابن أستاذى يلعب مع الصبيان فى السكة، ويجيئ أحيانا إلى باب المسجد، فإذا رأيته أقوم له تعظيما لأستاذى[91].
          والقاضى الإمام فخر الدين الأرسابندى[92] كان رئيس الأئمة فى مرو[93] وكان السلطان يحترمه غاية الاحترام وكان يقول: إنما وجدت بهذا المنصب بخدمة الأستاذ فإنى كنت أخدم الأستاذ القاضى الإمام أبا زيد الدبوسى[94] وكنت أخدمه وأطبخ طعامه [ثلاثين سنة] ولا آكل منه شيئا.
          وكان الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلوانى[95] رحمة الله عليه قد خرج من بخارى وسكن فى بعض القرى أياما لحادثة وقعت له وقد زاره تلاميذه غير الشيخ الإمام شمس الأئمة القاضى بكر بن محمد الزرنجرى[96] رحمه الله تعالى، فقال له حين لقيه: لماذا لم تزرنى؟ قال: كنت مشغولا بخدمة الولادة. قال: ترزق العمر، لاترزق رونق الدرس، وكان كذلك، فإنه كان يسكن فى أكثر أوقاته فى القرى ولم ينتظم له الدرس[97]. فمن تأذى منه أستاذه يحرم بركة العلم ولا ينتفع بالعلم إلا قليلا.
[إن الـمـعلم والطـبيب كـلاهـما! لا ينصحـان إذا هـما لم يكــرما]
[فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه! واقنع بجهلك إن جفوت معلما[98]]
          حكى أن الخليفة هارون راشيد بعث ابنه إلى الأصمعى[99] ليعلمه العلم والأدب فرآه يوما يتوضأ ويغسل رجله، وابن الخليفة يصب الماء على رجله، فعاتب الأصمعى [فى ذلك] بقوله: إنما بعثت إليك لتعلمه وتؤدبه فلماذا لم تأمره بأن يصب الماء بإحدى يديه، ويغسل بالأخرى رجلك؟
          ومن تعظيم العلم: تعظيم الكتاب، فينبغى لطالب العلم أن لا يأخذ الكتاب إلا بطهارة.
          وحكى عن الشيخ شمس الأئمة الحلوانى رحمه الله تعالى أنه قال: إنما نلت هذا العلم بالتعظيم، فإنى ما أخذت الكاغد[100] إلا بطهارة.
          والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسى[101] كان مبطونا[102] فى ليلة، وكان يكرر[103]، وتوضأ فى تلك الليلة سبع عشرة مرة لأنه كان لا يكرر إلا بالطهارة، وهذا لأن العلم نور والوضوء نور فيزداد نور العلم به.
          ومن التعظيم الواجب للعالم أن لا يمد الرجل إلى الكتاب ويضع كتاب التفسير فوق سائر الكتب [تعظيما] ولا يضع شيئا آخر على الكتاب.
          وكان أستاذنا الشيخ برهان الدين رحمه الله تعالى يحكى عن شيخ من المشايخ: أن فقيها كان وضع المحبرة على الكتاب، فقال له [بالفارسية]: برنيايى[104].
          وكان أستاذنا القاضى الإمام الأجل فخر الدين المعروف بقاضى خان[105] رحمه الله تعالى يقول: إن يرد بذلك الاستخفاف فلا بأس بذلك والأولى أن يحترز عنه.
          ومن التعظيم: أن يجود كتابة الكتاب ولا يقرمط[106] ويترك الحاشية إى عند الضرورة.
          ورأى أبو حنيفة رحمه الله تعالى كتابا يقرمط فى الكتابة فقال: لا تقرمط خطك، إن عشت تندم وإن مت تشتم. يعنى إذا شخت وضعف نور بصرك ندمت على ذلك[107].
          وحكى عن الشيخ الإمام مجد الدين الصرخكى[108]، حكى أنه قال: ما قرمطنا ندمنا، وما انتخبنا ندمنا، وما لم نقابل ندمنا[109].
          وينبغى أن يكون تقطيع الكتاب مربعا، فإنه تقطيع أبى حنيفة رحمه الله تعالى، وهو أيسر على الرفع والوضع والمطالعة[110].
          وينبغى أن لا يكون فى الكتابة شيئ من الحمرة، فإنه من صنيع الفلاسفة لا صنيع السلف، ومن مشايخنا كرهوا استعمال المركب[111] الأحمر.
          ومن تعظيم العلم: تعظيم الشركاء [فى طلب العلم والدرس] ومن يتعلم منه. والتملق مذموم إلا فى طلب العلم[112].
          فإنه ينبغى أن يتملق لأستاذه وشركائه ليستفيد منهم[113].
          وينبغى لطالب العلم أن يستمع العلم والحكمة بالتعظيم والحرمة، وإن سمع مسألة واحدة أو حكمة واحدة ألف مرة.
          وقيل: من لم يكن تعظيمه بعد ألف مرة كتعظيمه فى أول مرة فليس بأهل العلم.
          وينبغى[114] لطالب العلم أن لا يختار نوع العلم بنفسه، بل يفوض أمره إلى الأستاذ، فإن الأستاذ قد حصل له التجارب فى ذلك، فكان أعرف بما ينبغى لكل واحد وما يليق بطبيعته.
          وكان الشيخ الإمام الأجل الأستاذ برهان الحق والدين رحمه الله تعالى يقول:
          كان طلبة العلم فى الزمان الأول يفوضون أمرهم فى التعلم إلى اساتذهم، وكانوا يصلون إلى مقصودهم ومرادهم، والآن يختارون بأنفسهم، فلا يحصل مقصودهم من العلم والفقه.
          وكان يحكى أن محمد بن إسماعيل البخارى[115] رحمه الله تعالى كان بدأ بكتابة الصلاة على محمد بن الحسن رحمه الله، فقال له محمد بن الحسن: إذهب وتعلم علم الحديث، لما روى أن ذلك العلم أليق بطبعه، فطلب علم الحديث فصار فيه مقدما على جميع أئمة الحديث[116].
          وينبغى لطالب العلم أن لايجلس قريبا من الأستاذ عند السبق بغير ضرورة، بل ينبغى أن يكون بينه وبين الأستاذ قدر القوس فإنه أقرب إلى التعظيم.
          وينبغى لطالب العلم أن يحترز عن الأخلاق الذميمة، فإنها كلاب معنوية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة[117]. وإنما يتعلم الإنسان بواسطة ملك.
          والأخلاق الذميمة تعرف فى كتاب الأخلاق وكتابنا هذا لا يحتمل بيانها.
          [وليحترز] خصوصا عن التكبر ومع التكبر لا يحصل العلم.
          قيل:
          العلم حرب [للفتى] المتعالى    كالسيل حرب للمكان العالى[118]







فصل

فى الجد والمواظبة والهمة


          ثم لا بد من الجد والمواظبة والملازمة لطالب العلم، وإليه الإشارة فى القرآن بقوله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة[119]. وقوله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا[120].
          قيل:
          بجـد لا بجــد كــل مـجــد        فهل جد بلا جد بمجدى
          فكم من عبد يقوم مقام حر       وكم حر يقوم مقام عبد[121]
          وقيل: من طلب شيئا وجد وجد، ومن قرع الباب ولج ولج[122].
          وقيل: بقدرما تتعنى تنال ما تتمنى.
          وقيل: يحتاج فى التعلم والتفقه إلى جد ثلاثة: المتعلم، والأستاذ، والأب، إن كان فى الأحياء[123].
          أنشدنى الشيخ الإمام الأجل الأستاذ سديد الدين الشيرازى للشافعى رحمهما الله:
الجـــد يــدنـى كــل أمـر شـاسـع
                             والـجــد يفــتـح كــل باب مــغـلـق
وأحق خلق الله تعالى بالهم امرؤ
                             ذو هــمـة يــبلـى بـعــيـش ضـيـق
ومن الدليل على القضاء وحكمه
                             بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق[124]
لكن من رزق الحجا حرم الغنى
                             ضـدان يــفـــتـرقــان أى تــفــرق[125]
وأنشدت لغيره:
          تمـنيت أن تمسى فـقيها مناظـرا         
                                      بغـير عناء والجـنون فنون
          وليس اكتساب المال دون مشقة         
                                      تحملها فالعلم كـيف يكون؟[126]
قال أبو الطيب المتنبى[127]:
          ولم أرى فـى عيوب الناس عيبا
                                      كنقص القادرين على التمام
ولا بد لطالب العلم من سهر الليالى كما قال الشاعر:
بقـدر الـكــد تكــتـسـب المـعالى
                             ومـن طـلـب الـعـلى سـهـر اللـيالى
تــروم الــــعــز ثـم تنــام لــــيلا
                             يغوص فى البحر مـن طلب اللآلى
علـو الـكــعـب بالهـمـم الـعـوالى
                             وعـن الـــمـرء فـى ســهـر اللـيالى
تركــت الــنوم ربى فى اللــيالى
                             لأجــل رضـاك يامــولـى الـمـوالى
ومــن رام الــعـلى مـن غـير كد
                             أضاع الـعـمـر فى طـلب المـحــال
فــوفـقـنى إلـى تحــصــيل عـلـم
                             وبلـغــنـى إلـى أقــصـى الـمـعــالى
          قيل: اتخذ الليل جملا تدرك به أملا[128].
          قال المصنف[129] وقد اتفق لى نظم فى هذا المعنى شعر:
مـن شاء أن يحـتوى آماله جـملا
                             فلـيتـخـذ لــيله فـى دركــها جــمـلا
إقلل طعامك كى تحظى به سهرا[130]   
                             إن شئت يا صاحبى أن تبلغ الكملا
          وقيل: من أسهر نفسه بالليل، فقد فرح قلبه بالنهار.
          ولا بد لطالب العلم من المواظبة على الدرس والتكرار فى أول الليل وآخره، فإن ما بين العشائين، ووقت السحر، وقت مبارك.
          قيل فى هذا المعنى[131]:
يا طالب العـلم باشـر الورعا    وجـانب الـنوم واترك الشبعـا
وداوم على الدرس لا تفارقه    فإن العلم بالدرس قام وارتفعا
          فيغتنم أيام الحداثة وعنفوان[132] الشباب، كما قيل:
بقـدر الـكــد تعــطى ما تروم   فـمــن رام المـنى لــيلا يقـوم
وأيام الـحــداثـة فـاغـتـنـمـهـا   ألا إن الــحــــــداثــة لاتــدوم
          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض نفسك فى عبادة الله تعالى فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى[133].
          وقال عليه السلام: نفسك مطيتك فارفق بها[134].
          فلا بد لطالب العلم من الهمة العالية فى العمل، فإن المرء يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه.
          وقال أبو الطيب رحمه الله[135]:
          على قدر أهل العزم تأتى العـزائم
                                      وتأتى على قـدر الكـرام المكارم
          وتعظم فى عين الصغير صغارها      
                                      وتصغر فى عين العظيم العظائم
          والركن فى تحصيل الأشياء الجد والهمة العالية، فمن كانت همته حفظ جميع كتب محمد بن الحسن، واقترن بذلك الجد والمواظبة، فالظاهر أنه يحفظ أكثرها أو نصفها، فأما إذا كانت له همة عالية ولم يكن له جد، أو كان له جد ولم تكن له همة عالية لا يحصل له العلم إلا قليلا.
          وذكر الشيخ الامام الأجل الأستاذ رضى الدين النيسابورى فى كتاب مكارم الأخلاق[136] أن ذا القرنين[137] لما أراد أن يسافر ليستولى على المشرق والمغرب، شاور الحكماء وقال: كيف أسافر بهذا القدر من الملك، فإن الدنيا قليلة فانية، وملك الدنيا أمر حقير، فليس هذا من علو الهمة.
          فقال الحكماء: سافر ليحصل لك ملك الدين والآخرة.
          فقال: هذا أحسن.
          وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب معالى الأمور ويكره سفسافها[138].
          وقيل:
فلا تعجل بأمرك واستدمه       فما صلى عصاك كمستديم[139]
          قيل:
قال أبو حنيفة رضى الله لأبى يوسف: كنت بليدا أخرجتك المواظبة، وإياك والكسل فإنه شؤم وآفة عظيمة.
          قال الشيخ الإمام أبو نصر الصفار الأنصارى[140]:
          يا نفس يا نفس لا ترخى عن العمل
                             فى البر والعدل والإحسان فى مهل
          فـكـل ذى عـمـل فى الخـير مـغـتبط    
                             وفـى بـلاء وشــؤم كــل ذى كــسـل
          قال المصنف: وقد اتفق لى فى هذا المعنى شعر:
دعى نـفـسى الـتكــاسـل والـتـوانـى
                             وإلا فـاثـــبــتـى فـى ذا[141] الـــهـــوان
فلم أر للـكــسـالـى اـلحـظ [ يعطى]    
                             ســوى نــدم وحــــرمــان الأمــانـى
          وقيل:
كـم مـن حـياء وكم عـجـز وكـم نـدم
                             جــم تــولـــد للإنـسـان مــن كـــسـل
[ إياك عن كسل فى البحث عن شبه
                             فـمــا علـمـت وما قـد شذ عنك سل][142]
          وقد قيل: الكسل من قلة التأمل فى مناقب العلم وفضائله، فينبغى أن يتعب نفسه على التحصيل والجد والمواظبة بالتأمل فى فضائل العلم، فإن العلم يبقى [ببقاء المعلومات] والمال يفنى، كما قال أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه:
          رضـينا قسمة الجـبار فينا       لـنا علم وللأعـداء مال
          فإن المال يفنى عن قريب       وإن العلم يبقى لا يزال[143]
          والعلم النافع يحصل به حسن الذكر ويبقى ذلك بعد وفاته فغنه حياة أبدية.
          وأنشدنا الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين مفتى الأئمة الحسن بن على المعروف بالمرغينانى[144]:
          الجـــاهـلـون مـوتـى قـبل مـوتـهــم     
                                      والعـالمـون وإن ماتوا فأحياء
          وأنشدنى الشيخ الإمام الأجل برهان الدين رحمه الله:
          وفى الجهل قبل الموت موت لأهله
                                      فـأجــسامهـم قبل القبور قبور
          وإن امــرؤ لم يحـــيى بالعلم مــيت     
                                      فـليس له حــين النشور نشور
          [وقال غيره][145]:
أخـو الـعـلم حـي خــالـد بـعـد مــــــوتـه
                                      وأوصـاله تحـت التراب رمـيم
وذو الجهل ميت وهو يمشى على الثرى        
                                      يظهر مـــن الأحياء وهوعديم
          وقال آخر:
          حـياة الـقـلب عـلـم فاغـتـنمـه
                                      ومـوت القلب جهـل فاجتنبه
          وأنشدنى أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين رحمة الله عليه شعرا:
ذا العلم أعلى رتبة فى المــــــــراتب   
                             ومن دونه عز العلى فـى المواكــب[146]
فذو العلم يبقــى عزه متضــاعفـــــــا
                             وذو الجهل بعد الموت فـى الترائب[147]
فـهــيات لا يرجــو مـداه مـن ارتـقى
                             رقى ولى الملك والـى الكــــــــتائب[148]
سأملى عليكــم بعض ما فيه فاسمعوا
                             فبى حصر عن ذكر كـل المــــناقب
هو النور كل النور يهدى عن العمى
                             وذو الجهل مر الدهر بين الغــياهب[149]؛
هو الـذروة الشماء تحمى مـــن التجا
                             إليها ويمشى آمـــــنا فـى الـــنـوائب
به ينتجــــى والناس فى غفلاتـــــهـم
                             به يرتجـــــى والـروح بين الترائب
به يشفع الإنسان مــن راح عاصـــيا
                             إلى درك النيران شـر العـــــــواقب
فمن رامه رام المآرب كلــــــــــــــها
                             ومـــــن حازه قد حاز كـل المطالب
هو المنصب العالى يا صاحب الحجا
                             إذا نلته هون بفــــــــوت المـناصب[150]
فإن فاتك الدنيا وطيب نعيمـــــــــــها
                             [ فغمض][151] فإن العلم خير المواهب
          وقيل فى هذا المعنى:
إذا مـــــــا اعتز ذو علم بعــــــــــلم
                             فعلم الفقــــــــه أولـــــــــى باعتزاز
فكـــــــــــم طيب يفوح ولا كــمسك     
                             وكــــــــــــم طير يطير ولا كبازى
          وأنشدت أيضا لبعضهم:
الفقه أنفس كل شيئ أنت ذا خـــــره
                             مــن يدرس العلم لم تدرس مفاخره
فاكسب لنفسك ما أصبحت تجهــــله
                             فأول العلم إقبال وآخـــــــــــــــــره
          وكفى بلذة العلم والفقه والفهم داعيا وباعثا للعاقل على تحصيل العلم.
          وقد يتولد الكسل من كثرة البلغم والرطوبات، وطريق تقليله، تقليل الطعام.
          قيل: اتفق سبعون طبيبا على أن النسيان من كثرة البلغم، وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء، وكثرة شرب الماء من كثرة الأكل، والخبز اليابس يقطع البلغم، وكذلك أكل الزبيب على الريق، ولا يكثر منه، حتى لايحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم.
          والسواك[152] يقلل البلغم، ويزيد الحفظ والفصاحة، فإنه سنة سنية، تزيد فى ثواب الصلاة، وقراءة القرآن، وكذا القيء يقلل البلغم والرطوبات، وطريق تقليل الأكل التأمل فى منافع قلة الأكل هى: الصحة والعفة والإيثار. وقيل فيه شعر:
          فعار ثم عار ثم عار    شقاء المرء من أجل الطعام
          وعن النبى عليه السلم أنه قال: ثلاثة يبغضهم الله من غير جرم: الأكول والبخيل والمتكبر[153].
          وتأمل فى مضار كثرة الأكل وهى: الأمراض وكلالة الطبع، وقيل: البطنة تذهب الفطنة[154].
          حكى عن جالينوس[155] أنه قال: الرمان نفع كله، والسمك ضرر كله، وقليل السمك خير من كثرة الرمان.
          وفيه أيضا: إتلاف المال، والأكل فوق الشبع ضرر محض ويستحق به العقاب ودار الآخرة، والأكول بغيض فى القلوب.
          وطريق تقلييل الأكل: أن يأكل الأطعمة الدسمة ويقدم فى الأكل الألطف والأشهى، ولايأكل مع الجائع إلا إذا كان له غرض صحيح، بأن يتقوى به على الصيام والصلاة والأعمال الشاقة فله ذلك.






فصل
فى بداية السبق وقدره وترتيبه

          كان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين رحمه الله يوقف بداية السبق على يوم الأربعاء، وكان يروى فى ذلك حديثا ويستدل به ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من شيئ بدئ  يوم الأربعاء إلا وقد تم[156]؛ وهكذا كان يفعل أبى[157].
          وكان[158] يروى هذا الحديث[159] عن أستاذه الشيخ الإمام الأجل قوام الدين أحمد بن عبد الرشيد رحمه الله[160].
          وسمعت ممن أثق به، أن الشيخ يوسف الهمذانى[161] رحمه الله، كان يوقف كل عمل من الخير على يوم الأربعاء. وهذا لأن يوم الأربعاء يوم خلق فيه النور[162]، وهو يوم نحس فى حق الكفار[163] فيكون مباركا للمؤمنين.
          وأما قدر السبق فى الإبتداء: كان أبو حنيفة رحمه الله يحكى عن الشيخ القاضى الإمام عمر بن أبى بكر الزرنجرى[164] رحمه الله أنه قال: قال مشايخنا رحمهم الله: ينبغى أن يكون قدر السبق للمبتدئ  قدر ما يمكن ضبطه بالإعادة مرتين بالرفق ويزيد كل يوم كلمة حتى أنه وإن طال وكثر يمكن ضبطه بالإعادة مرتين، ويزيد بالرفق والتدريج، وأما إذا طال السبق فى الإبتداء واحتاج إلى الإعادة عشر مرات فهو فى الإنتهاء أيضا يكون كذلك، لأنه يعتاد ذلك، ولا يترك تلك الإعادة إلا بجهد كثير[165] وقد قيل: السبق حرف، والتكرار ألف[166].
          وينبغى أن يبتدئ بشيئ يكون أقرب إلى فهمه، وكان الشيخ الإمام الأستاذ شرف الدين العقيلى[167] رحمه الله يقول: الصواب عندى فى هذا ما فعله مشايخنا رحمهم الله، فإنهم كانوا يختارون للمبتدئ صغارات المبسوط[168] لأنه أقرب إلى الفهم والضبط، وأبعد من الملالة، وأكثر وقوعا بين الناس.
          وينبغى أن يعلق السبق بعد الضبط والإعادة كثيرا، فإنه نافع جدا[169].
          ولا يكتب المتعلم شيئا لا يفهمه، فإنه يورث كلالة الطبع ويذهب الفطنة ويضيع أوقاته.
          وينبغى أن يجتهد فى الفهم عن الأستاذ بالتأمل وبالتفكر وكثرة التكرار، فإنه إذا قل السبق وكثرة التكرار والتأمل يدرك ويفهم.
          قيل: حفظ حرفين، خير من سماع وقرين[170]، وفهم حرفين خير من حفظ سطرين[171].
          وإذا تهاون فى الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتين يعتاد ذلك فلا يفهم الكلام اليسير، فينبغى أن لا يتهاون فى الفهم بل يجتهد ويدعو الله ويتضرع إليه فإنه يجيب من دعاه، ولا يخيب من رجاه.
          وأنشدنا الشيخ الأجل قوام الدين حماد بن إبراهيم بن إسماعيل الصفار الأنصارى إملاء للقاضى الخليل بن أحمد الشجرى[172] فى ذلك شعرا:
أخدم العلم خدمـــــــة المستفيد  وأدم درسه بفعل حـــــــميد
وإذا مـــــــا حفظت شيئا أعده  ثم أكده غاية التأكــــــــــــيد
كى لا يزول ثم علقه كى تعود  إليه وإلى درسه على التأبيد
فإذا ما أمنت مــــــــــــنه فواتا  فانتدب بعده لشيئ جــــــديد
مع تكرار ما تقدم مــــــــــــنه  واقتناء لشأن هـــــذا المـزيد
ذاكــــــــر الناس بالعلوم لتحيا  لا تكن من أولى النهى ببعيد
إذا كتمت العلوم أنسيت حــتى  لا ترى غير جـــــاهل وبليد
ثم ألجمت فـــــــى القيامة نارا  وتلهبت بالعـــــــذاب الشديد[173]
          ولا بد لطالب العلم من المذاكرة، والمناظرة، والمطارحة، فينبغى أن يكون كل منها بالإنصاف والتأنى والتأمل، ويتحرز عن الشغب [والغضب]، فإن المناظرة والمذاكرة مشاورة، والمشاورة إنما تكون لاستخراج الصواب وذلك إنما يحصل بالتأمل والتأنى والإنصاف، ولا يحصل بالغضب والشغب.
          فإن كانت نيته من المباحثة إلزام الخصم وقهره، فلا تحل، وإنما يحل ذلك لإظهار الحق.
          والتمويه والحيلة لا يجوز فيها، إلا إذا كان الخصم متعنتا، لا طالبا للحق.
          وكان محمد بن يحيى[174] إذا توجه عليه الإشكال ولم يحضره الجواب يقول: ما ألزمته لازم، وأنا فيه ناظر، وفوق كل ذى علم عليم.
          وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من فائدة مجرد التكرار لأن فيه تكرارا وزيادة.
          وقيل: مطارحة ساعة، خير من تكرار شهر.
          لكن إذا كان [مع] منصف سليم الطبيعة.
          وإياك والمذاكرة مع متعنت غير مستقيم الطبع، فإن الطبيعة متسرية، والأخلاق متعدية، والمجاورة مؤثرة.
          وفى الشعر الذى ذكره الخليل بن أحمد[175] فوائد كثيرة، قيل[176]:
العلم من شرطه لمن خـــــدمه       أن يجعل الناس كلهم خـــدمه
          وينبغى لطالب العلم أن يكون متأملا فى جميع الأوقات فى دقائق العلوم ويعتاد ذلك، فإنما يدرك الدقائق بالتأمل، فلهذا قيل: تأمل تدرك.
          ولا بد من التأمل قبل الكلام حتى يكون صوابا، فإن الكلام كالسهم، فلا بد من تقويمه قبل الكلام حتى يكون مصيبا.
          وقال فى أصول الفقه: هذا أصل كبير وهوأن يكون كلام الفقيه المناظر بالتأمل.
          قيل: رأس العقل أن يكون الكلام بالتثبت والتأمل.
          قال قائل شعرا:
          أوصيك فى نظم الكلام بخمسة
                                      إن كنت للموصى الشفيق مطيعا
          لا تغفلن سبب الكـــــلام ووقته
                                      والكيف والكــــم والمكان جميعا
          ويكون مستفيدا فى جميع الأوقات والأحوال من جميع الأشخاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها اخذها[177].
          وقيل: خذ ما صفا، ودع ما كدر.
          وسمعت الشيخ الإمام الأجل الأستاذ فخر الدين الكاشانى[178] يقول: كانت جارية أبى يوسف أمانة عند محمد [ بن الحسن] فقال لها: هل تحفظين أنت فى هذا الوقت عن أبى يوسف فى الفقه شيئا؟ فقالت: لا، إلا أنه كان يكرر ويقول: سهم الدور ساقط، فحفظ ذلك منها، وكانت تلك المسألة مشكلة على محمد فارتفع أشكاله بهذه الكلمة. فعلم أن الإستفادة ممكنة من كل أحد.
          ولهذا قال ابو يوسف حين قيل: بم أدركت العلم؟ قال: ما استنكفت من الإستفادة من كل أحد وما بخلت من الإفادة.
          وقيل لابن عباس رحمه الله: بم أدركت العلم؟
          قال: بلسان سؤول، وقلب عقول.
          وإنما سمي طالب العلم: ما تقول، لكثرة ما كانوا يقولون فى الزمان الأول. ما تقول فى هذه المسألة؟.
          وإنما تفقه أبو حنيفة رحمه الله بكثرة المطارحة والمذاكرة فى دكانه حين كان بزازا[179].
          فبهذا يعلم أن تحصيل العلم والفقه يجتمع مع الكسب.
          وكان أبو حفص الكبير يكتسب ويكرر العلوم، فإن كان لا بد لطالب العلم من الكسب لنفقة العيال وغيره فليكتسب وليكرر وليذاكر ولا يكسل.
          وليس لصحيح العقل والبدن عذر فى ترك التعلم والتفقه، فإنه لا يكون أفقر من أبى يوسف، ولم يمنعه ذلك من التفقه. فمن كان له مال كثير فنعم المال الصالح للرجل الصالح، المنصرف فى طريق العلم[180].
          قيل لعالم: بم أدركت العلم؟ قال: بأب غني. لأنه كان ينتفع به أهل العلم والفضل، فإنه سبب زيادة العلم لأنه شكر على نعمة العقل والعلم، وإنه سبب الزيادة.
          قيل: قال أبو حنيفة رحمه الله: إنما أدركت العلم بالحمد والشكر، فكلما فهمت ووفقت على فقه وحكمة قلت: الحمد لله، فازداد علمى.
          وهكذا ينبغى لطالب العلم أن يشتغل بالشكر باللسان والجنان والأركان والحال ويرى الفهم والعلم والتوفيق من الله تعالى ويطلب الهداية من الله تعالى بالدعاء له والتضرع إليه، فإن الله تعالى هاد من استهداه.
          فأهل الحق ـ وهم أهل السنة والجماعة ـ طلبوا الحق من الله تعالى، الحق المبين الهادى العاصم، فهداهم الله وعصمهم عن الضلالة.
          وأهل الضلالة أعجبوا برأيهم وعقلهم وطلبوا الحق من المخلوق العاجز وهو العقل، لأن العقل لا يدرك جميع الأشياء كالبصر، فإنه لا يبصر جميع الأشياء فحجبوا وعجزوا عن معرفته، وضلوا وأضلوا.
          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الغافل من عمل بغفلته والعاقل من عمل بعقله[181]. فالعمل بالعقل أولا: أن يعرف عجزنفسه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عرف نفسه فقد عرف ربه[182], فإذا عرف عجز نفسه عرف قدرة الله عزوجل, ولا يعتمد على نفسه وعقله بل يتوكل على الله, ويطلب الحق منه. ومن يتوكل على الله فهو حسبه ويهد يه إلى صراط مستقيم.
          ومن كان له مال كثير فلا يبخل, وينبغى أن يتعوذ بالله من البخل[183].
          قال النبى عليه السلام: أي دواء أدوأ من البخل[184].
          وكان أبو الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلوانى, رحمه الله فقيرا يبيع الحلواء, وكان يعطى الفقهاء من الحلواء ويقول: أدعوا لابنى, فببركة جوده واعتقاده وشفقته وتضرعه إلى الله تعالى نال ابنه ما نال[185].
          ويشترى بالمال الكتب ويستكتب فيكون عونا على التعلم والتفقه.
          وقد كان لمحمد بن الحسن مال كثير حتى كان له ثلاثمائة من الوكلاء على ماله وأنفقه كله فى العلم والفقه, ولم يبق له ثوب نفيس فرآه أبو يوسف فى ثوب خلق فأرسل إليه ثيابا نفيسة فلم يقبلها فقال: عجل لكم, وأجل لنا, ولعله إنما لم يقبله وإن كان قبول الهدية سنة, لما رأى فى ذلك مذلة لنفسه[186].
          قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ليس للمؤمن أن يذل نفسه[187].
          وحكي أن الشيخ فخر الإسلام الأرسابندى رحمه الله جمع قشور البطيخ الملقاة فى مكان خال فأكلها فرأته جارية فاخبرت بذلك مولاها فاتخذ له دعوة فدعاه إليها فلم يقبل لهذا[188].
          وهكذا ينبغى لطالب العلم أن يكون ذا همة عالية لا يطمع فى أموال الناس.
          قال النبى صلى الله عليه وسلم: إياك والطمع فإنه فقر حاضر[189]. ولا يبخل بما عنده من المال بل ينفق على نفسه وعلى غيره.
          قال النبى عليه الصلاة والسلام: الناس كلهم فى الفقر مخافة الفقر وكانوا فى الزمان الأول يتعلمون الحرفة ثم يتعلمون العلم حتى لايطمعوا فى أموال الناس.
           وفى الحكمة من استغنى بمال الناس افتقر والعالم إذا كان طماعا لا يبقى له حرمة العلم ولا يقول بالحق ولهذا كان يتعوذ صاحب الشرح عليه السلام ويقول أعوذ بالله من طمع يدنى إلى طبع.
           وينبغى أن لا يرجو الأمن الله تعالى ولا يخاف إلا منه ويظهر ذلك بمجاوزة حد الشرع وعدمها فمن عصى الله تعالى خوفا من المخلوق فقد خاف غير الله تعالى، فإذا لم يعص الله تعالى لخوف المخلوق وراقب حدود الشرع فلم يخف غير الله تعالى بل خاف الله تعالى وكذا فى جانب الرجاء.
          وينبغى لطالب العلم أن يعد ويقدر لنفسه تقديرا فى التكرار فإنه لا يستقر قلبه حتى يبلغ ذلك المبلغ.
          وينبغى لطالب العلم أن يكرر سبق الأمس خمس مرات وسبق اليوم الذى قبل الأمس أربع مرات والسبق الذى قبله ثلاثا والذى قبله اثنين والذى قبله واحدا فهذا أدعى إلى الحفظ.
          وينبغى أن لا يعتاد المخافة فى التكرار لأن الدرس والتكرار ينبغى أن يكون بقوة ونشاط، ولا يجهر جهرا يجهد نفسه كيلا ينقطع عن التكرار، فخير الأمور أوسطها[190].
          وحكى أن أبا يوسف رحمه الله كان يذاكر الفقه مع الفقهاء بقوة ونشاط، وكان صهره عنده يتعجب فى أمره ويقول: أنا أعلم أنه جائع منذ خمسة أيام، ومع ذلك يناظر بقوة ونشاط.
          وينبغى أن لا يكون لطالب العلم فترة[191] فإنها آفة، وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين رحمه الله يقول: إنما غلبت شركائى بأنى لا تقع لى الفترة فى التحصيل.
          وكان يحكى عن الشيخ الأسبيجابى[192] أنه وقع فى زمان تحصيله وتعلمه فترة اثنتى عشرة سنة بانقلاب الملك، فخرج مع شريكه فى المناظرة [إلى حيث يمكنهما الإستمرار فى طلب العلم وظلا يدرسانه معا] ولم يتركا الجلوس للمناظرة اثنتى عشرة سنة. فصار شريكه شيخ الإسلام للشافعيين وكان هو شافعيا.
          وكان أستاذنا الشيخ القاضى الإمام فخر الإسلام قاضى خان يقول: ينبغى للمتفقه أن يحفظ [كتابا] واحدا من [كتب[193]] الفقه دائما فيتيسر له بعد ذلك حفظ ما سمع من الفقه.






فصل
فى التوكل

          ثم لا بد لطالب العلم من التوكل فى طالب العلم ولا يهتم لأمر الرزق ولا يشغل قلبه بذلك.
          روى أبو حنيفة رحمه الله عن عبد الله بن الحارث الزبيدى[194] صاحب رسل الله صلى الله عليه و سلم: من تفقه فى دين الله كفى همه الله تعالى ورزقه من حيث لا يحتسب[195]. فإن من اشتغل قلبه بأمر الرزق من القوت والكسوة قل ما يتفرغ لتحصيل مكارم الأخلاق ومعالى الأمور.
          قيل[196]:
          دع المكـــــارم لا ترحل لبغيتها
                                       واقعد فإنك انت الطاعم الكاسى
          قال رجل [لابن][197] منصور الحلاج[198] : أوصنى, فقال [ابن] المنصور : هي نفسك, إن لم تشغلها شغلتك.
          فينبغى لكل أحد أن يشغل نفسه بأعمال الخير حتى لا يشغل نفسه بهواها, ولا يهتم العاقل لأمر الدنيا لأن الهم والحزن لا يرد المصيبة, ولا ينفع بل يضر بالقلب والعقل, ويخل بأعمال الخير, ويهتم لأمر الآخرة لأنه ينفع. وأما قوله عليه الصلاة والسلام : إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا هم المعيشة[199] فالمراد منه قدر هم لا يخل بأعمال الخير ولا يشغل القلب شغلا يخل بإحضار القلب فى الصلاة, فإن ذالك القدر من الهم والقصد من أعمال الآخرة.
          ولا بد لطالب العلم من تقليل العلائق الدنيوية بقدر الوسع فلهذا اختاروا الغربة.
          ولا بد من تحمل النصب والمشقة فى سفر التعلم, كما قال موسى صلوات الله على نبينا وعليه فى سفر التعلم ولم ينقل عنه ذلك فى غيره من الأسافر [ لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا][200].
          ليعلم أن سفر العلم لا يخلو عن التعب، لأن طلب العلم أمر عظيم وهو أفضل من الغزاة[201] عند أكثر العلماء، والأجر على قدر التعب والنصب، فمن صبر على ذلك التعب وجد لذة العلم تفوق [لذات الدنيا].
          ولهذا كان محمد بن الحسن إذا سهر الليالى وانحلت له المشكلات يقول: أين أبناء الملوك من هذه اللذات؟.
          وينبغى [لطالب العلم] ألا يشتغل بشيئ [أخر غير العلم] ولا يعرض عن الفقه.
          قال محمد بن الحسن رحمه الله: صناعتنا هذه من المهد إلى اللحد فمن أراد أن يترك علمنا هذا ساعة فليتركه الساعة[202].
          ودخل فقيه، وهو إبراهيم بن الجراح[203]، على أبى يوسف يعوده فى مرض موته وهو يجود بنفسه، فقال أبو يوسف: رمي الجمار راكبا أفضل أم راجلا؟ فلم يعرف الجواب، فأجاب بنفسه[204].
          وهكذا ينبغى للفقيه أن يشتغل به فى جميع أوقاته [فحينئذ] يجد لذة عظيمة فى ذلك.
          وقيل: رؤي محمد [بن الحسن] فى المنام بعد وفاته فقيل له: كيف كنت فى حال النزع؟ فقال: كنت متأملا فى مسألة من مسائل المكاتب[205]، فلم أشعر بخروج روحى .
          وقيل إنه قال فى آخر عمره: شغلتنى مسائل المكاتب عن الإستعداد لهذا اليوم، وإنما قال ذلك تواضعا.









فصل
فى وقت التحصيل

          قيل: وقت التعلم من المهد إلى اللحد.
          دخل حسن بن زياد فى التفقه وهو ابن ثمانين سنة، ولم يبت على الفراش أربعين سنة فأفتى بعد ذلك أربعين سنة[206].
          وأفضل الأوقات شرخ[207] الشباب، ووقت السحر، وما بين العشائين[208]. وينبغى أن يستغرق جميع أوقاته، فإذا مل من علم يشتغل بعلم آخر.
          وكان ابن عباس[209] رضى الله عنه إذا مل من الكلام يقول: هاتوا ديوان الشعراء.
          وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده الدفاتر، وكان إذا مل من نوع ينظر فى نوع آخر، (وكان يضع عنده الماء، ويزيل نومه بالماء، وكان يقول: إن النوم من الحرارة)[210].











فصل
فى الشفقة والنصيحة

          ينبغى أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصحا غير حاسد، فالحسد يضر ولا ينفع. وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين رحمه الله يقول: قالوا إن ابن المعلم يكون عالما لأن المعلم يريد أن يكون تلميذه فى القرآن عالما فببركة اعتقاده وشفقته يكون ابنه عالما[211].
          وكان أبو الحسن[212] يحكى أن الصدر الأجل برهان الأئمة[213] جعل وقت السبق لابنيه الصدر الشهيد حسام الدين[214] [ والصدر] السعيد تاج الدين وقت الضحوة الكبرى بعد جميع الاسباق، وكانا يقولان: إن طبيعتنا تكل وتمل فى ذلك الوقت، فقال أبوهما رحمه الله: إن الغرباء وأولاد الكبراء يأتوننى من أقطار الأرض فلا بد من أن أقدم أسباقهم. فببركة شفقته فاق ابناه أكثر فقهاء الأمصار، وأهل الأرض فى ذلك العصر.
          وينبغى أن لا ينازع أحدا ولا يخاصمه لأنه يضيع أوقاته.
          قيل: المحسن سيجزى بإحسانه والمسيئ ستكفيه مساويه.
          أنشدنى الشيخ الإمام الزاهد العارف ركن الإسلام محمد بن أبى بكر المعروف بإمام خواهر زاده مفتى الفريقين رحمه الله[215] قال: أنشدنى سلطان الشريعة والطريقة يوسف الهمذانى:
          لا تجز [إنسانا] على سوء فعله
                                      سيكفيه مــا فيه وما هو فاعله[216]
          قيل: من أراد أن يرغم أنف عدوه فليكرر وأنشدت هذا الشعر:
          إذا شئت أن تلقى عدوك راغمـا
                                      وتقتله غما وتحرقــــــــــه هما
          فرم[217] للعلى وازدد من العلم إنه
                                      من ازداد علما زاد حاسده غما
          قيل: عليك أن تشتغل بمصالح نفسك لا بقهر عدوك، فإذا أقمت مصالح نفسك تضمن ذلك قهر عدوك. إياك والمعاداة فإنها تفضحك وتضيع أوقاتك، وعليك بالتحمل [لا] سيما[218] من السفهاء.
          قال عيسى بن مريم صلوات الله عليه: احتملوا من السفيه واحدة كى تربحوا[219] عشرا[220].
          وأنشدت لبعضهم شعرا:
بلوت الناس قرنا بعـــــد قرن   ولــــــم أر غير ختال وقالى[221]
ولم أر فى الخطوب أشد وقعا   وأصعب من معاداة الرجال
وذقت مرارة الأشياء طـــــرا   وما ذقت أمر مــــن السؤال
          وإياك أن تظن بالمؤمن سوءا فإنه منشأ العداوة ولا يحل ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام: ظنوا بالمؤمنين خيرا[222]. وإنما ينشأ ذلك من خبث النية وسوء السريرة، كما قال أبو الطيب[223]:
          إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
                                      وصدق ما يعتاده مــــــن توهم[224]
          وعادى محبيه بقول عداتــــــــــه
                                      وأصبح فى ليل من الشك مظلم[225]
          وأنشدت لبعضهم:
          تنح عن القبيح ولا تـــرده       ومن أوليته حسنا فزده
          ستكفى من عدوك كل كيد       إذا كــاد العدو فلا تكده
          وأنشدت للشيخ العميد أبى الفتح البستى[226]:
          ذو العقل لا يسلم مـــــــن جاهل         
                                      يسومـــــــــــــه ظلما وإعناتا[227]
          فليختر السلم على حربـــــــــــه
                                      ولـــــــيلزم الإنصات إنصاتا[228]





فصل
فى الإستفادة واقتباس الأدب

          وينبغى أن يكون طالب العلم مستفيدا فى كل وقت حتى يحصل له الفضل والكمال فى العلم. وطريق الإستفادة أن يكون معه فى كل وقت محبرة حتى يكتب ما يسمع من الفوائدالعلمية.
          قيل: من حفظ فر ومن كتب قر[229].
          وقيل: العلم ما يؤخذ من أفواه الرجال، لأنهم يحفظون أحسن ما يسمعون، ويقولون أحسن ما يحفظون.
          وسمعت عن شيخ الإمام الأديب الأستاذ زين الإسلام المعروف بالأديب المختار يقول: قال هلال [بن زيد] بن يسار[230]: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه شيئا من العلم والحكمة، فقلت يا رسول الله أعد لى ما قلت لهم، فقال لى: هل معك محبرة؟ فقلت: ما معى محبرة[231]، فقال النبى عليه السلام: ياهلال لا تفارق المحبرة لأن الخير فيها وفى أهلها إلى يوم القيامة[232].
          ووصى الصدر الشهيد حسام الدين إبنه شمس الدين[233] أن يحفظ كل يوم شيئا من العلم والحكمة فإنه  يسير، وعن قريب يكون كثيرا.
          واشترى عصام بن يوسف[234] قلما بدينار ليكتب ما يسمعه فى الحال، فالعمر قصير والعلم كثير.
          فينبغى أن لا يضيع طالب العلم الأوقات والساعات ويغتنم الليالى والخلوات.
          يحكى عن يحيى بن معاذ[235] الرازى [أنه قال] الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار مضيئ فلا تكدره بآثامك.
          وينبغى أن يغتنم الشيوخ ويستفيد منهم، وليس كل ما فات يدرك، كما قال أستاذنا[236] شيخ الإسلام فى مشيخته[237]: كم من شيخ كبير أدركته وما استخبرته.
          وأقول على هذا الفوت منشئا هذا البيت:
لهفا على فوت التلاقى لهفا      ما كل ما فات ويفنى يلفى[238]
          قال على رضى الله عنه: إذا كنت فى أمر فكن فيه[239]، وكفى بالإعراض عن علم الله خزيا وخسارا واستعذ بالله منه ليلا ونهارا.
          ولا بد لطالب العلم من تحمل المشقة والمذلة فى طلب العلم، والتملق مذموم إلا فى طلب العلم فإنه لا بد له من التملق للأستاذ والشريك وغيرهم للإستفادة منهم[240].
          قيل: العلم عز لا ذل فيه، لا يدرك إلا بذل لا عز فيه.
          وقال القائل:
          أرى لك نفسا تشتهى أن تعزها
                                      فلست تنال العز حــتى تذلها







فصل
فى الورع فى حالة التعلم

          روى بعضهم حديثا فى هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لم يتورع فى تعلمه ابتلاه الله تعالى بأحد ثلاثة أشياء: إما أن يميته فى شبابه، أو يوقعه فى الرساتيق، أو يبتليه بخدمة السلطان[241]؛ فكلما كان طالب العلم أورع كان علمه أنفع، والتعلم له أيسر وفوائده أكثر.
          ومن الورع [الكامل] أن يتحرز عن الشبع وكثرة النوم وكثرة الكلام فيما لا ينفع، وأن يتحرز عن أكل طعام السوق إن أمكن، لأن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثة، وأبعد عن ذكر الله وأقرب إلى الغفلة، ولأن أبصار الفقراء تقع عليه ولا يقدرون على الشراء منه، فيتأذون بذلك فتذهب بركته.
          وحكي أن الإمام الشيخ الجليل محمد بن الفضل[242] كان فى حال تعلمه لايأكل من طعام السوق، وكان أبوه يسكن فى الرساتيق ويهيئ طعامه ويدخل أليه يوم الجمعة، فرأى فى بيت ابنه خبز السوق يوما فلم يكلمه ساخطا على ابنه فاعتذر ابنه، فقال: ما اشتريت أنا ولم أرض به ولكن أحضره شريكى، فقال أبوه: لو كنت تحتاط وتتورع عن مثله لم يجرؤ شريكك على ذلك.
          وهكذا كانوا يتورعون فلذلك وفقوا للعلم والنشر حتى بقى اسمهم إلى يوم القيامة.
          ووصى فقيه من زهاد الفقهاء طالب العلم أن يتحرز عن الغيبة وعن مجالسة المكثار، وقال: من يكثر الكلام يسرق عمرك ويضيع أوقاتك.
          ومن الورع أن يجتنب من أهل الفساد والمعاصى والتعطيل، [ويجاور الصلحاء] فإن المجاورة مؤثرة، وأن يجلس مستقبل القبلة ويكون مستنا[243] بسنة النبى عليه الصلاة والسلام، ويغتنم دعوة أهل الخير، ويتحرز عن دعوة المظلومين.
          وحكي أن رجلين خرجا فى طلب العلم للغربة وكانا شريكين فرجعا بعد سنين إلى بلدهما وقد فقه أحدهما ولم يفقه الآخر، فتأمل فقهاء البلاد وسئلوا عن حالهما وتكرارهما وجلوسهما فأخبروا أن جلوس الذى تفقه فى حال التكرار كان مستقبل القبلة والمصر[244] الذى [حصل العلم فيه] والآخر كان مستدبرا القبلة ووجهه إلى غير المصر. فاتفق العلماء والفقهاء أن الفقيه فقه ببركة استقبال القبلة إذ هو السنة فى الجلوس إلا عند الضرورة، وببركة دعاء المسلمين فإن المصر لا يخلو من العباد وأهل الخير والزهد، فالظاهر أن عابدا دعا له فى الليل.
          فينبغى لطالب العلم أن لؤا يتهاون بالآداب والسنن، ومن تهاون بالأدب حرم السنن، ومن تهاون بالسنن حرم الفرائض، ومن تهاون بالفرائض حرم الآخرة. وبعضهم قالوا بهذا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم[245].
          وينبغى أن يكثر الصلاة، ويصلى صلاة الخاشعين، فإن ذلك عون له على التحصيل والتعلم.
          وأنشدت للشيخ الإمام الجليل الزاهد الحجاج نجم الدين عمر بن محمد النسفى[246] شعرا:
كـــــــــــن للأوامر والنواهى حافظا
                                      وعلى الصلاة مواظبا ومحافظا
واطلب علوم الشرع واجهد واستعن
                                      بالطيبات تصر فقيها حافــــــظا
واسئل إلهك حفـــــــظ حفظك راغبا
                                      مــــــــن فضله فالله خير حافظا[247]

كــــــــــن للأوامر والنواهى حافـظا
                                      وعلى الصلاة مواظبا ومحافظا
واطلب علوم الشرع واجهد واستعن
                                      بالطيبات تصر فقيها حافــــــظا
واسئل إلهك حفـــــــظ حفظك راغبا
                                      مــــــــن فضله فالله خير حافظا
          وقال رحمة الله عليه:
أطيعوا وجدوا ولا تكسلوا       وأنتم إلــى ربكم ترجعون
ولا تهجعوا فخيار الورى       قليلا من الليل ما يهجعون[248]
          وينبغى أن يستصحب دفترا على كل حال ليطالعه. وقيل: من لم يكن الدفتر فى كمه[249] لم تثبت الحكمة فى قلبه.
          وينبغى أن يكون فى الدفتر بياض ويستصحب المحبرة ليكتب ما يسمع من العلماء. وقد ذكرنا حديث هلال بن يسار.












فصل
فيما يورث الحفظ وفيما يورث النسيان

          وأقوى أسباب الحفظ: الجد والمواظبة، وتقليل الغذاء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن من أسباب الحفظ.
          قيل: ليس شيئ أزيد للحفظ من قراءة القرأن نظرا[250]، والقراءة نظرا أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام: أعظم أعمال أمتى قراءة القرآن نظرا[251]. ورأى شداد بن حكيم[252] بعض إخوانه فى المنام، فقال لأخيه: أى شيئ وجدته أنفع؟ قراءة القرآن نظرا.
          ويقول عند رفع الكتاب: بسم الله وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله اكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم العزيز العليم، عدد كل حرف كتب ويكتب أبد الآبدين ودهر الداهرين[253].
          ويقول بعد كل مكتوبة: آمنت بالله الواحد الأحد الحق، وحده لا شريك له، وكفرت بما سواه[254].
          ويكثر الصلاة على النبى عليه السلام فإن ذكره رحمة للعالمين.
          [قال الشافعى رضى الله عنه[255]:]
          شكوت إلى وكيع سوء حفظى
                                      [فأرشدنى] إلى ترك المعاصى[256]
          فإن الحفظ فضل مــــــــن الله  
                                      وفضل الله لا يعطى لعاصـــــى[257].
          والسواك وشرب العسل[258] وأكل الكندر مع السكر[259] وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء[260] كل يوم على الريق يورث الحفظ ويشفى من كثير من الأمراض والأسقام، وكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد فى الحفظ[261]، وكل ما يزيد فى البلغم يورث النسيان.
          وأما ما يورث النسيان فهو: المعاصى وكثرة الذنوب والهموم والأحزان فى أمور الدنيا، وكثرة الإشتغال والعلائق، وقد ذكرنا أنه لا ينبغى للعاقل أن يهتم لأمر الدنيا لأنه يضر ولا ينفع، وهموم الدنيا لا تخلو عن الظلمة فى القلب، وهموم الآخرة لا تخلو عن النور فى القلب، ويظهر أثره فى الصلاة، فهم الدنيا يمنعه من الخيرات، وهم الآخرة يحمله عليه، والإشتغال بالصلاة على الخشوع وتحصيل العلم ينفى الهم والحزن، كما قال الشيخ نصر بن الحسن المرغينانى فى قصيدة له:
          استعن نصر بن الحسن                   فــــــــى كل علم يحتـزن
          ذاك الذى ينفى الحــزن          وما سواه باطل لا يؤتمن
          والشيخ الإمام الأجل نجم الدين عمر بن محمد[262] النسفى قال فى أم ولد له:
          سلام على مـــــــــن تيمتنى بظرفـها
                                      ولمعة خــــــــدها ولمحة طرفها
          سبتنى وأصبتنى فـــــــــــــتاة مليحة
                                      تحيرت الأوهام فى كـنه وصفها
          فقلت: ذرينى واعذرينــــــــى فإننـى
                                       شغفت بتحصيل العلوم وكــشفها
          ولى فى طلاب الفضل والعلم والتقى   
                                      غنى عن غناء الغانيات وعرفها
          وأما أسباب نسيان العلم:
          فأكل الكزبرة الرطبة، والتفاح الحامض، والنظر إلى المصلوب، وقراءة الخط المكتوب على حجارة القبور، والمرور بين قطار الجمال[263]، وإلقاء القمل الحي على الأرض، والحجامة على نقرة القفا، كلها يورث النسيان[264].












فصل
فيما يجلب الرزق وفيما يمنع
وما يزيد فى العمر وما ينقص

          ثم لابد لطالب العلم من القوة ومعرفة ما يزيد فيه وما يزيد فى العمر والصحة ليتفرغ فى طلب العلم، وفى كل ذلك صنفوا كتبا، فأوردت بعضها هنا على سبيل الإختصار.
          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القدر إلا بالدعاء، ولا يزيد فى العمر إلا البر، فإن الرجل ليحرم من الرزق بذنب يصيبه[265].
          ثبت بهذا الحديث أن إرتكاب الذنب سبب حرمان الرزق خصوصا الكذب فإنه يورث الفقر, وقد ورد فيه حديث خاص[266], وكذا نوم الصبحة يمنع الرزق, وكثرة النوم تورث الفقر, وفقر العلم أيضا. قال القائل شعرا:
سرور الناس فى لبس اللباس    وجمع العلم فـى ترك النعاس
          وقال:
أليس مــــــن الحزن أن لياليا   تمر بلا نفع وتخسر من عمر
          وقال أيضا:
قـــــم الليل يا هذا لعلك ترشد   إلى كم تنام الليل والعمر ينفد
          والنوم عريانا, والبول عرينا، والأكل جنبا, والأكل متكئا على جنب, والتهاون بسقوط المائدة, وحرق قشر البصل والثوم, وكنس البيت فى الليل بالمنديل, وترك القمامة فى البيت, والمشي قدام المشايخ, ونداء الوالدين باسمهما, والخلال بكل خشبة[267], وغسل اليدين بالطين والتراب, والجلوس على العتبة, والاتكاء على أحد زوجي الباب, والتوضؤ فى المبرز[268], وخياطة الثوب على بدنه, وتجفيف الوجه بالثوب, وترك العنكبوت فى البيت, والتهاون فى الصلاة, وإسراع الخروج من المسجد بعد صلاة الفجر, والإبتكار بالذهاب إلى السوق, والابطاء فى الرجوع منه, وشراء كسرات الخبز من الفقراء, والسؤال, ودعاء الشر على الوالد, وترك تخمير[269] الأوانى وإطفاء السراج بالنفس:
          كل ذلك يورث الفقر, عرف ذلك بالآثار[270].
          وكذا الكتابة بالقلم المعقود، والامتشاط بالمشط المنكسر، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدا، والتسرول قائما، والبخل والتقتير، والإسراف، والكسل والتوانى والتهاؤن فى الأمور.
          وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استنزلوا الرزق بالصدقة[271]؛ والبكور مبارك يزيد فى جميع النعم خصوصا فى الرزق[272].
          وحسن الحظ من مفاتيح الرزق وبسط الوجه وطيب الكلام يزيد فى الحفظ والرزق. وعن الحسن بن على[273]: كنس الفناء وغسل الإناء مجلبة للغنى.
          وأقوى الأسباب الجاذبة  للرزق إقامة الصلاة بالتعظيم والخشوع، وتعديل الأركان وسائر واجباتها وسننها وآدابها، وصلاة الضحى فى ذلك معروفة، وقراءة سورة الواقعة خصوصا فى الليل وقت النوم[274]، وقراءة الملك، والمزمل، والليل إذا يغشى وألم نشرح لك، وحضور المسجد قبل الأذان، والمداومة على الطهارة، وأداء سنة الفجر والوتر فى البيت. وأن لا يتكلم بكلام الدنيا بعد الوتر ولا يكثر مجالسة النساء إلا عند الحاجة، وأن لا يتكلم بكلام لغو.
          وقيل: من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه. قال بزرجمهر[275]: إذا رأيت الرجل يكثر الكلام فاستيقن بجنونه. وقال على رضى الله عنه: إذا تم العقل نقص الكلام[276].
          قال المصنف رحمه الله: واتفق لى فى هذا المعنى شعرا:
إذا تم عقل المرء قل كلامـــه   وأيقن بحمق المرء إن كان مكثرا
النطق زين والسكوت سلامة   فإذا نطقت فلا تكون مكــــــــــثرا
ما ندمت على سكوت مــــرة   ولقد ندمت على الكلام مــــــرارا
          وأما ما يزيد فى الرزق:
          أن يقول كل يوم بعد انشقاق الفجر إلى وقت الصلاة: سبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم وبحمده، وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه[277] مائة مرة، وأن يقول: لا إله إلا الله الملك الحق المبين كل يوم صباحا ومساء مائة مرة.
          وأن يقول بعد صلاة الفجر كل يوم: الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، ثلاثا وثلاثين مرة، وبعد صلاة المغرب أيضا، ويستغفر الله تعالى سبعين مرة بعد صلاة الفجر، ويكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم[278].
          ويقول يوم الجمعة سبعين مرة : اللهم أغننى بحلالك عن حرامك واكفنى بفضلك عمن سواك[279].
          ويقول هذا الثناء كل يوم وليلة : أنت الله العزيز الحكيم, أنت الله الملك القدوس, أنت الله الحكيم الكريم, انت الله خالق الخير والشر, أنت الله خالق الجنة والنار, أنت الله عالم الغيب والشهادة, أنت الله عالم السروأخفى, أنت الله الكبير المتعال, أنت الله خالق كل شيئ واليه يعود كل شيئ, أنت الله ديان يوم الدين, لم تزل ولا تزال, أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد, لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد[280], أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبرلا إله إلا أنت الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
          وأما ما يزيد في العمر: البر[281], وترك الأذى, وتوقير الشيوح, وصلة الرحم[282], وأن يقول حين يصبح ويمسى كل يوم ثلاث مرات : سبحان الله ملء الميزان, ومنتهى العلم, ومبلغ الرضا, وزنة العرش. ولا إله إلا الله ملء الميزان, ومنتهى العلم وزنة العرش. والله أكبر, ملء الميزان, ومنتهى العلم, ومبلغ الرضا, وزنة العرش[283].
          وأن يتحرز عن قطع الأشجار الرطبة إلا عند الضرورة, وإسباغ الوضوء والصلاة بالتعظيم, والقرآن[284] بين الحج والعمرة, وحفظ الصحة, ولا بد أن يتعلم شيئا من الطب, ويتبرك بالآثار الواردة فى الطب التى جمعها الإمام أبو العباس المستغفري في كتابه المسمى : بطب النبى عليه السلام[285], يجده من يطلبه (فهو كتاب مشهور)[286].


]والحمد لله على التمام, وصلى الله على سيدنا محمد أفضل
الرسل الكرام, وآله وصحبه الأئمة الاعلام, على
ممر الدهور وتعاقب الأيام, آمين.[287][



[1]   الجواهر المضيئة 2/ 312.
[2]   معجم البلدان 4/ 387.
[3]   تركستان هى اليوم أفغانستان وجزء من الجمهوريات الإسلامية فى الإتحاد السوفياتى وعن التحديد الجغرافى والتاريخى للمنطقة قارن مادة تركستان فى الموسوعة الإسلامية، الترجمة العربية 5/ 209-211.
[4]   معجم البلدان 7/ 370.
[5]   الموسوعة الإسلامية للمستشرقين 10/ 345.
[6]   2/ 364.
[7]   2/ 201 و 312.
[8]   الجـــواهر المضيئة 2/ 364. الفــوائد البهية 54. المــوسوعة العربية الميسرة ص 923.
[9]   10/ 345.
[10]   قارن التربية فى الإسلام للأهوانى 239، التعلم عن الزرنوجى لعثمان والموسوعة العربية الميسرة 923 ومعجم المؤلفين لحكالة 3/43.
[11]   معجم المطبوعات لسركيس 969 وقراءات فى الفكر التربوى للدكتور ناصر 2/ 343.
[12]   ذكر فيليب حتى فى تاريخ العرب أن الكتاب ألف عام 600/ 1302 ( 2/ 497).
[13]   نقلا عن الموسوعة الإسلامية 10/ 345.

[14]   الكامل فى التاريخ 9/ 94.
[15]   الكامل فى التاريخ 12/ 137.
[16]   انظر كتاب ( التعلم) للدكتور إبراهيم محمود، المقدمة.
1   فى الأصل والمخطوطين: .. فى طريق التعلم، وربما تكون (فى) من إضافة الناسخ أو وهمه، خصوصا أن عنوان الكتاب كما هو أعلاه نقله غير واحد من مؤلفى كتب الرجال واكتفينا بالاسم الذى اشتهر به الكتاب والأمر قريب على كل حال.
[17]   رواه ابن ماجه كما روى البيهقى فى شعب الايمان الى قوله: مسلم وقال: متنه مشهور واسناده ضعيف، ونقل الإلبانى أن البعض حكم بصحته. أما كلمة: ومسلمة فيقول عنها: لاأصل لها البتة، أنظر مشكاة المصابيح رقم 218 طبع المكتب الإسلامى وهو توجه صحيح لأن كلمة مسلم يشمل المسلمة.
[18]   أى من الضياع والفساد. (الناسخ) انظر المقدمة ص 31.
[19]   وهو علم أصـــول الدين وعلم الفقه، والمراد مــن الحــــــال ههنا: الأمر العارض للإنسان من الكفر والإيمان والصلاة والزكاة والصوم وغيرها من الأحوال، لاالحال المقابل للمستقبل من الصحة والمرض والسفر والحضر. (الناسخ) وانظر المقدمة ص 31.
[20]   قاعدة أصولية معروفة يفرد لها فصول خاصة فى كتب أصول الفقه.
[21]   محمد بن حسن الشيبانى أخذ العلم عن أبى حنيفة وتتلمذ لأبى يوسف تفقه بفقه أهل الحديث وأهل الرأى معا، له الفضل فى تدوين فقه أبى حنيفة، وله العديد من المؤلفات وروايته لموطأ الإمام مالك مشهورة، أصله من حرستا بدمشق، نشأ بالكوفة وتوفى بالراى عام 189هـ/ 805 م.
[22]   فى قوله تعالى: وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا .. الآية سورة البقرة الآية 34 وقد تكرر فى أكثر من آية فى القرآن الكريم.
[23]   كلمة البر زيادة من المخطوطين، ولم نجد ها فى المطبوع.
[24]  المعنى الوارد فى البيت الأخير حديث رواه الترمذى وابن ماجه، وأورده الماوردى فى أدب البنيا والدين ص 23 كجزء من من حديث ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية الدار قطنى والبيهقى عن أبى هريرة رضى الله عنه.
   وفى هامش المخطوط الأصل: قال الشافعى رضى الله عنه:
تغرب عن الأوطان فى طلب العلى   وسافر ففى الأسفار خمس فوائد
تـفـريـج هــم واكــتسـاب مـعـيـشـة  وعـلـم وآدب وصـــحـبـة ماجـد
فـأن قـيل: فى الأسفـار ذل وغـربة   مــشـقـة شـمـل وارتكاب شدائـد
فـمـوت الـفـتى خير له مـن حـياتـه   بدار هــوان بـين واش وحـاسـد
                                                (أنظر ديوان الشافعى ص 52)
    وفائدة:
لقد شمرت ذيلى طول عمرى          لـخـدمـة ما بــه إتمـام فـخـرى
هـو الفقـه الذى قـد جـل قـدرا         فـجــل بقـدره قـدرى وذكــرى
به نـلت الـمـعـالى فى حـياتـى         به عزى وجاهى طول عمرى
وإكــثـار الـصـلاة بـلا دعــاء         كـرمى الـنبـل يرمى فى الـباب
عبادة الجــاهل من غير عـلـم          كـــقـر طـاس تـراه بلا كــتـاب
[25]   زيادة من المخطوط الأصل والعبارة مضطربة فى المخطوط الثانى.
[26]   هو الحسين بن محمد الراغب الأصفهانى، أبو القاسم، أديب لغوى مفسر حكيم، كثير التأليف توفى عام 502/ 1108 (كشف الظنون 36).
[27]   زيادة من المخطوطين، وفى النسخ المطبوعة: حين المرض فقط.
[28]   زيادة من المطبوع الأصل.
[29]   زيادة من المخطوط الأصل.
[30]   يشير إلى حديث: اللهم إنى أسألك العفو والعافية فى الدين والآخرة. وقد ورد بغير هذه الألفاظ، كما ورد الأمر بسؤال الله العفو والعافية.
[31]   غير واضحة فى الأصول ولعلها: يسير.
[32]   يشير هنا إلى الفرق بين علم النجوم وهو تأثيرها على حياة الناس وهو محبم، وبين علم الهيئة الذى هو علم الفلك المباح بل المأمور به.
[33]   من المخطوط الثانى وأحد الشروع.
[34]   كما أمر عليه الصلاة والسلام بالتداوى: يا عباد الله تداووا. رواه الإمام أحمد والترمذى والدارمى وابن ماجه، وقد خصص الإمام ابن القيم فصلا عن التداوى والأمر به فى كتابه زاد المعاد كما أن له الطب النبوى وغيره ألف فى ذلك أيضا.
[35]   الشافعى: هو الإمام محمد بن إدريس، الذى ينسب إليه المذهب المشهور، توفى فى مصر عام 205هـ/ 920 م.
[36]   وقد روى فى هذا المعنى حديث العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان. أورده الشوكانى فى الفوائد 881 قائلا: قال الصغانى: موضوع. وبلغة المجلس: الشيئ الذى لاقيمة له!
[37]   قال الجرجانى فى التعريفات الفقه فى اللغة عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه، وفى الإصطلاح: هو العلم بالأحكام الشريعة العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، وقيل: هو الإصابة والوقوف على المعنى الخفى الذى يتعلق به الحكم (ص 73) وجملة (مع نوع علاج) حذفت وقشطت فى المخطوط الثانى.
[38]   تجد فى كل كتب الحديث أبوابا مخصصة للعلم ولذكر فضائله والحث عليه، كما تجد فى كتب العلم روايات وأخبارا حول هذا الموضوع، انظر مثلا: إحياء علوم الدين للغزالى، أدب الدنيا والدين للماوردى، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر واقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادى وغيرها كثير.
[39]   فى المخطوط الثانى: الأحوال.
[40]   رواه البخارى ومسلم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
[41]   لم أجد شيئا بلفظه، ومعناه صحيح.
[42]   قال الإمام الجنيد المتوفى سنة 297 هـ / 910 م : طريقنا الكتاب والسنة والعلم. وكم فى الزهد الجاهل من الطامات.
[43]   هو الإمام أبو الحسن على بن أبى بكر المرغينانى، كان فقيها حافظا مفسرا محدثا جامعا لعلوم عصره له العديد من المؤلفات، منها كتابه الهداية فى الفقه الحنفى وبه اشتهر ولهذا الكتاب عديد من الشروح وقد خرج أحاديثه الزيلعى والحافظ ابن حجر العسقلانى، وهو أستاذ الزرنوجى، توفى بسمرقند عام 593/ 1197، (الجواهر 1/ 383، التاج 31) ونسبته إلى مرغينان: بلدة بما وراء النهر، خرج منها جماعة من الفضلاء (معجم البلدان 8/ 27).
[44]   وعلى هامش المخؤطوط الثانى: قال على ابن أبى طالب، رضى الله عنه أنه قال بهذا المعنى: قصم ظهرى رجالان: عالم متهتك وجاهل متنسك.
[45]   من أهل بخارى، من بيت علم وزهد، كان فقيها أديبا، كان يؤم الناس يوم الجمعة ويخطب غيره، توفى بسمرقند عام 576/ 1180، (الجواهر المضيئة 1/ 225).
 وكان فى الأصلين المخطوطين: الصفارى.
[46]  الزيادة من المخطوط الأصل فقط، والحديث منكر لا أصل له، أنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألبانى 34.
[47]   وفى حاشية المخطوط الأولى:
            إنما الدنيا كـــــــظل زائل              أو كضيف بات ليلا وارتحل
            أو كــــــــحـلم قـد رآه نائم             فـإذا مـا ذهـب الـنـوم بـطــل
وأصل البيت الثانى:
            أو كـــــــــنوم قد رآه نائـم              فــــإذا ذهــب الــنـوم بـطــل
وقد عدلناه للضرورة الشعرية.
[48]   محمد ابن أبى بكر بن يوسف، ركن الدين الفرغانى، كان فقيها أديبا، توفى فى مرغينان عام 594/ 1196. وفى المخطوط الأصل: ركن الإسلام.
[49]   أى ينبغى للمتعلم أن يظهر بمظهر حسن يكسبه الاحترام تعظيما للعلم والعلماء.
[50]   فى الأصل المخطوط: أبويوسف  بن خالد السهمى، وفى النسخ الأخرى: يونس بن خالد السمتى، ثم وجدته فى المخطوط الثانى على الصواب، ويوسف السمتى هذا هو أحد أصحاب أبى حنيفة وكثير الأخذ عنه، قال الشافعى: كان رجلا من الخيار، وروى له ابن ماجه، أقبل عليه الناس ثم تخلى لعبادة المولى توفى 189/ 805 (الجواهر المضيئة 2/ 228).
[51]   فى البصرة.
[52]   وهى وصية يدور مجملها حول النهى عن المنكر، أو وردد، أحمد شلبى قسما منها فى كتابه تاريخ التربية الإسلامية ص 316، وقال: الوصية بكاملها مدونة فى مخطوط محفوظ بجامعة استانبول، وقد وجدنا منها نسخة أخرى فى مكتبة الشيخ زهير الشاويش برقم 380وهناك وصية أخرى منسوبة لأبى حنيفة، وموضوعها: العقيدة، وقد اطلعت على مخطوطة فى شرح الوصية، شرحها محمد بن محمود الشهير بأكمل الدين البابرتى شارح الهداية المتوفى عام 786هـ/ 1384م، والمخطوطة محفوظة فى مكتبة زهير الشاويش تحت رقم 1285.
[53]   فى المخطوطة الثانى والمطبوع: برهان الأئمة.
[54]  أحسن كل علم: ما كان من جوهره وصريحه دون المناقشات والخلافات.
[55]   يشير إلى أن معرفة الدليل واجب على كل قادر.
[56]  يريد بالعتيق ما كان عليه السلف ومنهم الإمام أبى حنيفة فى كتابه الفقه الأكبر ما تم الإتفاق عليه، والحديث: ما لا زال الخلاف فيه قائما.
[57]   يشير إلى ما رواه الديلمى عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: تعلموا العلم قبل أن يرفع. فإن أحدكم لا يدرى متى يفتقر إلى ما عنده، وعليكم بالعلم وإياكم و التنطع والتبدع والتعمق وعليكم بالعتيق.
وإلى حديث: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء. رواه الشيخان والترمذى.
[58]   حماد بن سليمان الأشعارى: من التابعين كان واسع العلم فقيها، أخذ عنه أبو حنيفة أكثر علمه ولزمه ثمانية عشر عاما، توفى 120هـ/ 738م.
[59]   وقال عنه أيضا: ما رأيت أفقه من حماد. (الجواهر المضيئة، 2/ 454).
[60]   فى المطبوع: فنميت.
[61]   سمرقند: قال عنها ياقوت: بلد معروف مشهور بما وراء النهار، قيل إنه من أبنية ذى القرنين، دخلها قتيبة بن مسلم سنة 87هـ. المعجم 5/ 121.
[62]   بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر، كانت عاصمة السامانيين، خرج منها أعلام، أشهرهم: محمد بن إسماعيل البخارى (معجم البلدان، 2/ 81-86).
[63]   من هنا إلى قول الحكيم فى الصفحة (74) كلام معترض.
[64]   يشير إلى الآية 159 من سورة آل عمران (وشاورهم فى الأمر).
[65]   قارن (أدب الدنيا والدين للماوردى) ص 272- 278 حيث أورد آثارا مشابهة تنسب إلى النبى وانه كان يستشير أصحابه فى كل شيئ، بالإضافة إلى ما قاله الصحابة والحكماء فى المشورة وشروطها، أما استشارته عليه الصلاة والسلام لهم فى حوائج البيت فلم أجدها.
[66]   نسب الماوردى فى أدب الدنيا والدين ص 275 هذا القول إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وذكره الميدانى فى مجمع الأمثال 2/ 289 دون نسبة.
[67]   نسب الأبشيهى فى المستطرف 1/ 73 هذا القول إلى الحسن، ويعنى الحسن البصرى، مع اختلاف فى اللفظ.
[68]   من أجلاء التابعين، له منزلة رفيعة فى العلم، أخذ عنه جماعة، ولد وتوفى بالمدينة 148/ 765.
[69]   سيد أهل زمانه فى علوم الدين والتقوى، أمير المؤمنين فى الحديث، ولد ونشأ فى الكوفة، توفى عام 161/ 778.
[70]   فى هامش المخطوط الثانى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) سورة فاطر، الآية 28.
[71]   فى الهامش: رجوع إلى الحكاية التى حكاها أبو حنيفة رحمه الله عن حكيم سمرقند.
[72]   السبق: الإختلاف إلى الأئمة، والتردد إلى مجالسهم لأخذ العلم عنهم.
[73]   فى الأصــــــل المخطوط: دريسته، والتصحيح مـــــــن النسخة الثانية والمطبوعة.
[74]   ولا يخفى أنه يقصد بكلمة الفن: العلم.
[75]   يشير إلى أن الرحلة فى طلب العلم كانت شعار العلماء وأنه لا بد منها لكل متعلم وراوية، ويؤكد عليه هنا أن لا يترك بلد إلى بلد آخر إلا بعد أن يستكمل ما فى البلد الأول من رواية وعلم.
[76]   وقد وجدت هذا الشعر منسوبا إلى الإمام الشافعى مع اختلاف فى اللفظ، انظر ديوانه ص 163.
[77]   البلغة: ما يتبلغ به من العيش القليل.
[78]   المكثار: كثير الكلام وغالبا ما يكون بلا معنى.
[79]   قاله عدى بن زين العبادى، أنظر أدب الدنيا والدين 167، جمهرة أشعار العرب 179 ولفظه:
   عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فـكـل قرين بالمـقارن يقتـدى

[80]   فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (اختبروا الناس بإخوانهم فإن الرجل يخادن من يعجبه نحوه). والنحو: الطريقة.
[81]   رواه البخارى، ومسلم والإمام أحمد، ولفظ البخارى: ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول، فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم. تفسير سورة الروم.
[82]   ومعنى هذين البيتين كما أخبرنى الأخ الدكتور عبد الله الخالدى:
الثمرة السيئة هى من الحبة السيئة             قسما بذات الله الطاهر الصمد
العمل السيئ يسوقك نــحو الجحيم            والذكرى الحسنة تأخذك إلى النعيم
وقيل معناه: الصاحب السوء أسوأ من الحية السوء وأكثر منها ضررا، اتخذ صاحب الصالح تجد بسببه جنات النعيم.
[83]   البيت الأخير مقتبس من حديث ضعيف السند، رواه ابن عدى فى الكامل عن ابن مسعود، والبيهقى فى شعب الإيمان، انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير 1/ 552، ولفظه (اعتبروا...)، والمعنى الذى أراده: إذا وجدتم اسم بقعة من البقاع مكروهة فاستدلوا على أن تلك الأرض مكروهة، وكذلك الصاحب لا يكون إلا مع من يشابهه.
ولا يخفى أن هذا من التطير المنهى عنه شرعا.
[84]   الحرمة: المهابة والتعظيم.
[85]   كانت هذه الكلمة فى المخطوط قبل كلمة: بالمعصية، ثم استدركها الناسخ، ولعلها محرفة عن الكلمة: استحلالها، وهو ألصق بالمعنى، وقد قال العلماء: إن استحلال المعصية كفر. وليست فى المخطوط الثانى.
[86]   روى الطبرانى حديثا بهذا المعنى (من علم عبدا آية من كتاب الله فهو له عبد) وعلق شيخ الإسلام ابن تيمية عليه بأنه موضوع، ذكره الشوكانى فى الفوائد المجموعة رقم 879.
[87]   فى الأصل المخطوط: سيد الشيرازى والتصحيح من فصل قادم من الكتاب حيث تكرر اسمه ومن الشرح، ولم أعثر له على ترجمة.
[88]   الملالة: الضجر والسأم، ويراعى الوقت: أى لا يفعل شيئا إلا فى الوقت المناسب له.
[89]   المعنى مأخوذ من حديث رواه الإمام أحمد 5/66 (لا طاعة لمخلوق فى معصية الله)
[90]   فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عبد أذهب آخرته بدنيا غيره. قال فى الزوائد: هذا إسناد حسن، حديث رقم 3966.
[91]   ان صح هذا فهو من الغلو الذى ليس له وجه شرعى بل فيه مخالفات تربوية لا تخفى!!
[92]   الإمام محمد بن الحسين، أبو جعفر، كان فقيها فاضلا مناظرا له تآلف، وقد تولى القضاء فى مرو، توفى عام 511/ 1117 (الجواهر 2/52، الفوائد 194) ونسبته إلى أرسابند، قال ياقوت: قرية بينها وبين مرو فرسخان خرج منها طائفة من العلماء، (المعجم 1/ 191).
[93]   مرو: قال عنها ياقوت: أشهر مدن خراسان (معجم 8/ 33).
[94]   فى الأصل: أبا يزيد، هو عبيد الله بن عمر الدبوسى من كبار الفقهاء الأحناف، قال القرشى، هو أول من وضع علم الخلاف وأبرزه للوجود، له كتاب تقويم الأدلة توفى فى بخارى 432/ 3391، التاج 64.
[95]   عبد العزيز بن أحمد، إمام الأحناف فى وقته وكان مجتهدا فى المذهب، له تصانيف عديدة منها المبسوط فى الفقه، درس عليه جمع من كبار العلماء، توفى فى بخارى 448 أو 449/1056 أو 1057. الجواهر 1/ 318).
[96]   فى المخطوط والمطبوع: أبو بكر، هو من كبار الفقهاء الأحناف، يتصل نسبه بالصحابى جابر بن عبد الله رضى الله عنه، تفقه على الإمام الحلوانى قال القرشى: هو آخر من روى عنه، كان يضرب به المثل فى الحفظ، مرجعا فى الرواية، وسمى بأبى حنيفة الأصغر، توفى فى عام 512/ 1118. (الجواهر 1/ 172).
[97]   لا نظن أن هذا الأمر صحيح فقد قال القرشى فى الجواهر المضيئة عن الزرنجرى  (1/ 172): كان الفقهاء إذا وقع لهم إشكال يرجون إليه ... وكانت عنده كتب عالية ما وصلت إلينا إلا من روايته ... ونقل من السمعانى: روى لى عنه جماعة كثيرة بخرسان وما وراء النهر.
            وهذا يدل على أنه كان مرجعا فى العلم، وأن درسه قد انتظم، وكان مقصد طلاب العلم، فانتفع هو ونفع غيره.
[98]   فى المطبوعة، وللبيتين المذكورين مطلع وهو قول الساعر:
            أكرم طبيبك إن أردت دواءه            وكذا المعلم إن أردت تعلما
[99]   الأصمعى: عبد الملك بن قريب، أحد أئمة العلم باللغة والشعر والرواية، كان الرشيد يسميه: شيطان الشعر، توفى عام 216هـ/ 831 م.
[100]   الكاغد: هو ورق الكتابة، ويقول فيليب حتى فى تاريخ العرب (2/ 50): لعل هذا الإسم ـ كاغد ـ لفظ صينى الأصل جاء عن طريق الفارسة، وذلك لأن أول من أدخل صناعة الورق هم الأسرى الصينيون.
    أما التشدد فى أمر الطهارة التى يشترها المؤلف فهو من الغلو والتنطع.
[101]   هوالإمام محمد بن أحمد السرخسى، كان علامة حجة، متكلما، فقيها، أصوليا، مناظرا، وهو كثير التأليف، توفى عام 483/ 1090، نسبته إلى سرخسى بلدة من نواحى خراسان، كبيرة واسعة خرج منها جماعة من العلماء ( المعجم 5/65).
            ويقال [انه أملى كتابه المبسوط فى الفقه (9 مجلدات أو أكثر) وهو فى سجن أحد الظلمة  الذين كانوا يستحلون الأهداء على العلماء.
[102]   أى يشتكى من بطنه بسبب الإسهال.
[103]   يكرر: يذاكر العلم بالإعادة والمراجعة.
[104]   أى: لا يكون منك، ويعنى يذلك أن الإساءة إلى الكتاب تجعله عديم الانتفاع من علمه، وهذا أيضا من التشدد والغلو، لأن الانتفاع بالعلم أو عدمه له أبابه.
[105]   هو الحسن بن منصور الأوزجندى الفرغانى الفقيه، له مؤلفات عدة فى الفقه، وكان مجتهدا فى المسائل توفى 592/ 1195.
[106]   يقرمط: يدقق الكتابة ويصغرها.
[107]   يقصد بها أن الطالب عندما يكون صغير السن يقرمط خطه فلا يعطى كل حرف حقه، وينتخب من الكتب المقطعات ولا يقابل ما نسخ.
            وعندما يكبر يحتاج إلى ما كتب فتصعب عليه معرفة الكلمات الناقصة، وقد يجد أن ما اختاره كان دون مستوى الانتخاب المطلوب، ويجد أن ترك المقابلة على الأصول أوقعه فى أغلاط يعتذر عليه استدراكها لبعد الكتب التى نقل عنها ... إلخ فيندم لذلك. وكذلك بعد موته يتعب من بعده.
[108]   فى الأصل المخطوط: السرخسى، وفى المطبوع: السرجكى، وفى المخطوط الثانى: الصرحكى، وقد نسب صاحب الجواهر المضيئة هذا القول إلى الصرخكى (2/32) ولكن مع اختلاف فى اللفظ: ما فرطنا ندمنا وما انتخبنا ندمنا وما لم نقابل ندمنا.
[109]   فى المطبوع: إلا ندمنا.
[110]   ولماذا ينبغى ذلك، اللهم سوى التقليد الأعمى للأئمة.
[111]   المركب: الخبر، ولا ندرى لماذا قال أنهم كرهوا استعماله، مع أنه لا يخلوا كتاب قديم من الكتابة بالأحمر. وفى المخطوط الثانى: المركب الحمرة؟
[112]   التملق هو التودد والتلطف بتكلف واصطناع، وقد ورد فى المعنى المذكور حديث رواه ابن عيدى عن معاذ مرفوعا: ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا فى طلب العلم. أورده الشوكانى وقال: فى اسناده كذاب. ( الفوائد رقم 856).
[113]   قارن أدب الدنيا والدين للماوردى ص 251 حيث يقول (... لأن التملق للعالم يظهر مكنون علمه) وروى عن ابن عباس (ذللت طالبا فعززت مطلوبا).
[114]   ونجد أن المؤلف أكثر من استعمال كلمة ينبغى، أما معناها اللغوى فقال عنه الفيروز آبدى (القاموس 4/ 304): انبغى الشيئ: تيسر وتسهل. ومن هنا نلاحظ أن المؤلف عنى بها الوجوب، أى أنه قد تجاوز فى استعمالها معناها اللغوى أو حملها ما لا تحتمل، وأنظر شروح كتب التفسير للاستعمال القرآنى لكلمة ينبغى التى لا تخرج عن معنى: يصلح أو يسهل وذلك فى سورة مريم آية 92, الفرقان 18، الشعرائ 211، يس 40 و 69، ص 35.
[115]   البخارى: حـــبر الأئمة وحــــافظ حديث رسول الله، صاحــــــب الجامع الصحيص، الفقيه، المجتهد، ولد فى بخارى ونشأ يتيما، قام برحلة طويلة عام 210 فى طلب الحديث وسمع ألف شيخ، توفى 256/ 870.
[116]   لا يعقل وقوع هذه الحداثة، فأن ابن الحسن توفى عام 189 والبخارى ولد عام 194، ودخل بغداد بعد عام 210هـ أى بعد أكثر من احدى وعشرين سنة من وفاة ابن الحسن.
[117]   رواه البخارى ومسلم.
[118]   العجز من بيت لأبى تمام وصدره: (الديوان جـ 1/ 77)
            لا تنكرى عطل الكريم من الغنى                  فالسيل حرب للمكان العالى
[119]   سورة مريم، الآية 12.
[120]   سورة العنكبوت الآية 69 وترتيب الآيتين فى النسخ المطبوعة معكوس.
[121]   ورد هذان البيتان فى النسخ المطبوعة فى آخر الفصل السابق.
[122]   لج: ألح وشدد. ولج: دخل.
[123]   حصر الموضوع بالأب للانفاق على المتعلم فيه تقييد، وكان من الأجدر لو أنه قال: ولى الأمر، الذى يكون أبو المتعلم أو أمه أو عمه وغيره ممن يتولى الانفاق عليه.
[124]   أى أن ضيق عيش ذى العقل هو ابتلاء واختبار من الله تعالى، الذى شاءت إرادته وحكمته هذا الأمر.
[125]   قارن بديوان الشافعى ص 132-133.
[126]   فى الهامش: أى كيف يحصل العلم بلا اكتساب مع كونه أعلى الأمور وأشرفها.
[127]   فى قصيدة قالها خلال مرض ألم به فى مصر، أنظر الديوان ص 482-385.
[128]   اتخذ الليل جملا، قال عنه الميدانى: يضرب لمن يعمل العمل بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرهما مما يركب فيه الليل: مجمع الأمثال 1/ 135.
[129]   يريد نفسه.
[130]   فى المطبوع: ثمرا.
[131]   يروى ابن عبد البر هذا الشعر وينسبه إلى عبد الله بن المبارك (جامع بيان العلم 1/192).
[132]   فى الأصل الأول: عنوان.
[133]   القسم الأول من الحديث بلفظ (فاوغلوا) رواه الامام أحمد عن أنس رضى الله عنه، 3/ 199، حديث صحيح. أما الحديث بكامله فسنده ضعيف، رواه البزار فى مسنده ورواه البيهقى فى السنن من طرق وفيه اضطراب، وروى موصولا ومرسلا ومرفوعا وموقوفا، ورجح البخارى فى التاريخ إرساله، أنظر تفصيل ذلك فى الفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوى 2/ 544، والمنبت: هو المنقطع فى السفر الذى عطلت راحلته ولم يصل إلى هدفه، وفى الحديث نهى عن التكلف فى العبادة.
[134]   لم أجد هذا الحديث بلفظه.
[135]   مطلع قصيدة يمدح بها سيف الدولة الحمدانى علم 343/954 أنظر ديوانه ص 385
[136]   ذكره حاجى خليفة فى كشف الظنون ص 1811 والنيسابورى هو صاحب الطريقة الرضوية فى علم الخلاف (الجواهر 2/ 370- الفوائد 73).
[137]  المقصود من ذكر فى القرآن الكريم فى سورة الكهف الآية 83 ومن يظن أنه الاسكندر المقدونى فهو واهم.
[138]  أخرجه البيهقى والطبرانى، أنظر تخريج احاديث إحياء علوم الدين للحافظ العراقى 2/ 358 و 3/ 244.
[139]   صلى عصاه: لينها بالنار ليسهل تقويمها، والمعنى أن خير وسائل تقويم المعوج وإصلاح الفاسد الاستدامة والاستمرار، وذكر الميدانى هذا البيت باعتبار أن كلمات عجزه ذهبت مثلا ( مجمع الأمثال 2/ 288).
[140]   فى الأصل: الصفارى، هو أحمد بن محمد من أهل بخارى، من علماء قرن الرابع الهجرى.
[141]   ذا الهوان: أى  هذا الهوان.
[142]   إياك عن الكسل: ابتعد عن الكسل، أى لا تكسل عن البحث عما يزيل الشكوك لديك، فما علمته تكتفى به، أما ما صعب عليك فاسأل عنه أهل العلم.
[143]   انظر ديوان على ص 96.
[144]    فقيه حنفى، هو استاذ صاحب الهداية.
[145]   القائل أبو محمد النحوى.
[146]  المواكب: الجماعات، والمعنى أن هذا العلم منزلته أعلى المنازل وكل المعالى والرئاسات فى الجاعات دونه فى الشرف والرفعة.
[147]  المعنى: أن صاحب العلم يبقى عزه بعد الموت ويتضاعف أجره، أما الجاهل فإن عزه سيكون تحت التراب.
[148]   يعنى أن أصحاب السلطة والحكم أصحاب الجيوش لا يبلغون عز العلماء
[149]   مر الدهر: مدى الدهر، الغياهب: جمع غيهب: الظلام الشديد.
[150]   الحجى: العقل، هون بفوت المناصب: اعتبار فوات مناصب الدنيا أمرا هينا.
[151]   فى الصل: فقل، والتصحيح من نسخة أخرى
[152]   قارن الطب النبوى لابن القيم ص 248- 249 حيث أورد فوائد السواك ـ عود الأوراك ـ.
[153]   لم أجده بهذا اللفظ، والأحاديث كثيرة فيما ينفر من هذه الأفعال، وقد نسبه الميدانى إلى لقمان ثلاثة تبغضهم الناس من غير ذنب إليهم: الشحيح والمتكبر والأكول. (مجمع الأمثال 2/ 460).
[154]   أورده الميدانـــى فــــــى مجمع الأمثال (1/ 106) ولفظه: البطــنة تأفن الفطنة. وهو بنفس المعنى، يقال: أفن الفصيل ما فى ضرع أمه: إذا شرب ما فيه، أى أذهب محتواه.
[155]   جالينوس: طبيب وفيلسوف يونانى ولد عام 129 وتوفي 199 م.
[156]   قال السخاوى: لم أقف له على أصل، والحق أن الأيام كلها تستوى عند الله، وأن التفاؤل أو التشاؤم ببعض الأيام أو الساعات ليس من الدين فى شيئ.
[157]   فى الأصلين المخطوطين وفى النسخ الأخرى: ( وهكذا كان يفعل أبو حنيفة) والتصحيح من الجواهر المضيئة للقرشى (1/ 384) وقد رجحنا هذا القول لأننا لم نطلع على أن أبا حنيفة كان يفعل هذا الأمر، كما أنه يعقل أن يكون الشيخ برهان الدين قد أخذ تلك العادة عن أبيه، وانظر الشخاوى: المقاصد الحسنة؛ (943) حيث روى أن أباه كان يفعل هذا.
[158]   أى الشيخ برهان الدين.
[159]   فى هامش المخطوط الأول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اشتكت الأربعاء إلى ربها فقالت يا رب، إنما عبادك يتقلوننى. قال الله عز وجل: فبعزتى وجلالى ما من شيئ بدئ  فيك إلا قد أتمته وما من مريض بعيد فيك إلا وقد شفيته) ولم أجد أيضا حديثا بهذا المعنى وأظنه من الموضوعات، ثم وجدت ان العسقلانى رواه عن بعض الصالحين وكذلك السخاوى.
[160]   إمام وفقيه من أهل بخارى ومن علماء القرن السادس الهجرى.
[161]   فى الأصلين المخطوطين: أبو يوسف، هو يوسف بن أيوب الهمذانى، أبو يعقوب، زاهد متصوف وعظ ببغداد وسكن بمرو، له تصانيف فى التصوف، توفى عام 535/ 1140، ونسبته إلى همذانى: أكبر مدينة فى جبال بلاد فارس، ينسب إليها كثير من العلماء، فتحها المغيرة بن شعبة عام 24هـ (المعجم 8/ 471-481).
[162]   جزء من حديث رواه مسلم والامام أحمد.
[163]   وردت بهذا المعنى عدة أحاديث موضوعة، انظر الشوكانى فى الفوائد المجموعة 437- 438، وقد وضح اللكنوى فى الفوائد البهية ص 143مشكلات هذا الموضوع.
[164]   وهم من المصنف أو الخطأ من الناسخ فأبى حنيفة لم يروى عن الزرنجرى، ونظن أن هذه الرواية لعمر بن بكر الزرنجرى وهو أمام وفقيه حنفى توفي عام 584/ 1188.
[165]   هذا يعنى: أن طول الإستماع إلى الأستاذ لا ينبغى أن يزيد، شرط أن يعاد الشرح مرتين فى الموضوع الواحد، أما إذا زاد عن ذلك فى البداية فإنه يعتاد طول الإستماع وتكرار الشرح فيبطؤ فهمه ويتبلد ذهنه.
[166]   أى تعلم قليلا وكرر ما تعلمته كثيرا.
[167]   هو عمر بن محمد، أبو حفص الأنصارى، من كبار الفقهاء الأحناف فى البخارى له العديد من التصانيف توفى عام 596/ 1200.
[168]   أى الكتاب الصغير التى تتضمن خلاصات الكتب المطولة.
[169]   تعليق السبق: كتابة خلاصـــة الدرس وهو ما يسمـــى الآن؛ بالملخص السبورى.
[170]   وقرين مثنى وقر بكسر الواو: الحمل الثقيل، وهذا ليس على اطلاقه فإن السماع يلازم الحفظ غالبا.
[171]   فى نسخ أخرى: وقرين.
[172]   الخليل بن أحمد، أبو سعيد الشجرى، كان إماما فى كل علم، شائع الذكر معروفا بالنظم والنثر توفي بسمرقند 378هـ (التاج 20) وفى نسخ أخرى: السجرزى والسرخسى والسخرى. ولكن ما ضبطناه هو الصحيح.
[173]   وهذا إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار؛ رواه أبو داود والترمذى.
[174]   وجدت فى كتب التراجم عددا من العلماء من يحمل اسم: محمد بن يحيى، ولم يذكر المؤلف نسبة أو لقبا يرجح أحدهم، إلا أننا نرى ترجيح أن يكون محمد بن يحيى هو أبو عبد الله الفقيه الجرجانى المتوفى 397 أو 398، والسبب فيما اخنرناه أن صاحب الهداية عده من أصحاب التخريج وذكره فى باب صفة الصلاة ( الجواهر المضيئة 3/ 143) ونعلم من سياق الكتاب تأثر المصنف بروايات أستاذه برهان الدين.
[175]   هو القاضى الخليل بن أحمد الشجرى، سبقت ترجمته.
[176]   ينسب هذا البيت للشافعى، انظر الديوان ص 162.
[177]   رواه الترمذى مع اختلاف فى اللفظ.
[178]   أظنه أبو بكر بن مسعود الكاشانـــــى، الفقيه الحنفى المشهور المسمى بملك العلماء صاحب كتاب ( بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع) ت 587هـ/1191 م.
[179]   البزاز: بائع الثياب والمنسوجات.
[180]   المعنى مأخوذ من حديث رسول الله ( نعم المال الصالح للرجل الصالح) الذى رواه الإمام أحمد 4/ 197، 202.
[181]   إن الحض على استعمال العقل بالمعنى القرآنى ـ أى أعمال الفكر فى الأمورـ كثير فى الآيات الكريمة وأما ورود لفظ ( العقل) فى الأحاديث فقد قال عنه الإمام ابن القيم: أحاديث العقل كلها كذب ( المنار المنيف 66- 67) ومعنى هذا الكلام لا ينافى أن يكون فى الأحاديث حسن أو صدق معنى، وإنما الكلام هنا فى السند ومدى صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[182]   حديث لا أصـــــل له، قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: موضوع انظر سلسلة الأحاديث الضعبفة الموضوعة؛ للمحدث الألبانى 66.
[183]   وهذا المعنى مأخوذ من حديث رسول الله: ( اللهم إنى أعوذ بك من الجبن والبخل ...) الحديث، رواه البخارى.
[184]   رواه البخارى والإمام الأحمد.
[185]   ما ناله ابنه كان بجهده ودأبه فى التعلم.
[186]   ولعله رفض ذلك من القاضى أبى يوسف لدخوله فى عمل الحكام، ولذلك عرض له بقوله: عجل لكم!!. وكان هذا خلق أكابر علماء ذلك الزمن بالإبتعاد عن تولى أعمال الحكام.
[187]   رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه ولفظه ( لا ينبغى لمؤمن أن يذل نفسه).
[188]   اتخذ له دعوة: أى أعد له طعاما، لهذا: أى لئلا يذل نفسه.
[189]   حديث ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير وزياداته؛ للألبانى رقم 2201.
[190]   حديث مشهور المتن ضعيف السند، انظر الشوكانى فى الفوائد المجمعة 742، ومجمع الأمثال للميدانى 1/ 243.
[191]   الفترة: الإنقطاع عن الدراسة لمدة معينة.
[192]   شيخ الإسلام على بن محمد، فقيه حنفى، إمام ومصنف، هو شيخ برهان الدين صاحب الهداية، توفى بسمرقند عام 535هـ/ 1140م.
    ونسبته غلى أسبيجاب، قال عنها ابن خلكان: مدينة من أقصى بلاد الشرق وأظنها من اقليم الصين أو قريبة منه؛ وفيات الأعيان  3/ 435.
[193]   فى الأصلين المخطوطين: نسخة ونسخ، والتصحيح من المطبوع.
[194]   فى الأصل المخطوط وفى النسخ المطبوعة: ابن الحسن, والتصحيح من مسند أبي حنيفة, ًص 7, وهو عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي, وانظر مسند الإمام أحمد 4/190.
[195]   انظر مسند أبي حنيفة , باب العلم ص 7 ولفظه (من تفقه فى دين الله كفاه الله مهمه ورزقه من حيث لا يحتسب) وسمعه أبو حنيفة من عبد الله فى المسجد الحرام عام 96 هـ.
[196]   البيت للشاعر الحطيعة من قصيدة يهجو بها الزبرقان بدر, نهاه بعدها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يعود الى هجاء المسلمين, انظر الديوان ص 284 .
[197]   الزيادة هي من تصحيحنا لاسم صاحب هذا القول.
[198]   الحسين بن منصور الحلاج : فيلسوف يعد من كبار المتصوفة أدعى الحلول, وهو من كبار الملحدين - عند العلماء - حتى اتفقوا على قتله, فضرب وقتل عام 309/932. اصله من فارس.
[199]   روه ابو نعيم فى الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة : إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة, يكفرها الهموم فى طلب المعيشة, قال الحافظ العراقي فى المغني : سنده ضعيف, انظر فيض القدير شرح الجامع الصغير 2/526.  
[200]   سورة الكهف، الآية 62.
[201]   فى الأصل الأول: الغزاوة.
[202]   ويشبهه قول الإمام أحمد بن حنبل: مع المحابر من المهد إلى المقابر.
[203]   إبراهيم بن الجراح بن صبيح المازنــــى الكوفـــــى نزيل مصر، فقيه حنفى تفقه علــى أبى يوسف، ولى قضاء مصر سنة 205 توفى فى مصر 217/ 831.
[204]   وكان الجواب: ما كان يوقف عنده للدعاء فالأفضل راجلا، وما لا يوقف عنده فالأفضل أن يرميه راكبا. ( الجواهر المضيئة 1/ 36).
[205]   المكاتب: هو العبد الذى تعاقد مع سيده أن يعتقه نظير مبلغ مؤجل يصير حرا بعد سداده.
[206]   الحسن بن زياد اللؤلؤى الكوفى نسبته إلى بيع اللؤلؤ، صاحب أبى حنيفة، كان يقظا فطنا فقهيا، ولى قضاء الكوفة، توفى سنة 204/ 819 ولم أتحقق من سنة مولده وعلى ذلك فلا نعرف صحة ما ذكر عنه.
[207]   شرخ الشباب: أوله.
[208]   وقت السحر: قبيل الصبح، العشاءان: المغرب والعشاء.
[209]   عبد الله بن عباس: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لازم الرسول وروى عنه الأحاديث، لقب بحبر الأمة وترجمان القرآن، كان كثير ما يجعل أيامه يوما للفقه ويوما للتأويل ـ التفسيرـ ويوما للمغازى، ويوما للشعر، وكان آية فى الحفظ، توفى عام 68/ 687
[210]   زيادة فى المخطوطين.
[211]   وليس هذا مضطردا بل العكس هو الأكثر والأشهر.
[212]   هو على بن أبى بكر صاحب الهداية، استاذ المصنف، وقد سبقت ترجمته.
[213]   هو الإمام عبد العزيز بن عمر، فقيه حنفى من علماء القرن الخامس الهجرى.
[214]   الإمام عمر بن عبد العزيز، فقيه حنفى له تصانيف عديدة فى الفقه، وهو استاذ صاحب الهداية، توفى شهيدا عام 536/ 1141.
[215]   إمام فاضل فقيه وواعظ وأديب، مفتى أهل بخارى توفى عام 573/ 1162 ويذكر القرشى فى الجواهر (2/ 36) وابن قطلوبها فى التاج    (44-45) أنه معروف بلقب إمام زاده.
[216]   فى المخطوط الثانى: ( دع المراء لا تجزه على سوء فعله ...).
[217]   رم للعلى: اطلب العلى، فعل أمر من رام الشيئ: طلبه.
[218]   فى الأصل: سيما، بحدف اداة النفى، وهذا الإستعمال تعبير مولد ويؤدى الغرض إلا أننا آثرنا التعبير الأصيل.
[219]   فى الأصل المخطوط: تتخلصوا، والتصحيح من نسخة مطبوعة.
[220]   هذا القول غير مذكـور فــــى الأناجيل المتداولة حـــاليا وربما يكون من كلامه عليه السلام المخطوط عنه قديما.
[221]   ختال: مخادع، قالى: كاره، من قلاه يقليه إذا كرهه.
[222]   لم أجد هذا النص بلفظه، إلا أن الأحاديث التى تأمر بتحسين ظن المسلمين بعضهم ببعض كثيرة، كالحديث الذى رواه أبو داود والحاكم: حسن الظن من حسن العبادة.
[223]   البيتان من قصيدة قالها أبو الطيب المتنبى يمدح بها الأستاذ كافور الأخشيدى، انظر ديوانه ص 459.
[224]   يعتاده: ينتابه ويرد على ذهنه من خواطر وأوهام.
[225]   العادة: بضم العين جمع العادى وهو العدو.
[226]   هو ابن أحمد بن الحسين البستى الشاعر الكاتب صاحب التجنيس مات ببخارى عام 400/ 1009، ونسبته إلى بست: بلدة كبيرة فى سجستان وهراة، وقيل فيه:
    فلو أننى أدركت يوما عميدها       لزمت يد البستى دهرا وبستها
                                                (معجم البلدان 2/170-171)
[227]   الإعنات: الإحراج من أعنته أى أحرجه وأوقعه فيما لا يستطيع الخروج منه.
[228]   الإنصات: الإصغاء ويريد به السكوت، وإن صاتا: أى أن أحدث صوتا والألف هنا للإشباع.
[229]   من حفظ فر: أي من حفظ شيئا فر منه ما حفظه، ومن كتب شيئا استقر وسكن عنده ما كتبه.
[230]   فى الأصلين المخطوطين وفى المطبوع: هلال بن يسار، والتصحيح من الخلاصة للخرزجى ص 411، وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عن أنس وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة.
[231]   عن المحبرة وضرورة حملها يراجع: أدب الإملاء والإستملاء (152- 153) للسمعانى طبعة بريل - ليدن 1952.
[232]   لم أجد هذا الحديث بنصه ولا بمعنى فى أى من داودين الأحاديث التى تيسر لى الاطلاع عليها.
[233]   محمد بن عمر بن عبد العزيز، فقيه من بخارى ومن فحول علمائها، له فضل وتقدم توفى عام 566/ 1170.
[234]   عصام بن يوسف البلخى، كان من العلماء المحدثين الثقات، عاصر أصحاب أبى حنيفة، وتوفى ببلخ عام 210 أو 215/825 أو 830.
[235]   يحيى بن معاذ: واعظ زاهد من أهل الرأى، له كلمات سائرة، توفى بنيسابور عام 258/ 872.
[236]   أى شيخ الإسلام على بن أبى بكر صاحب الهداية.
[237]   المشيخة: هى سجل يذكر فيه العلم أسماء الذين روى عنهم وشيئ مما رواه وسند شيوخه.
[238]   يلفى: يوجد، ورواه اللكنوى بصيغة أخرى: ( ص 142)
   لهفى على فوت الليالى لهفى       كله فات ويبقى لهفــــــــــى
[239]   يعنى إذا كنت فى طلب أمر فتفرغ له واجتهد فى تحصيله.
[240]   ورد لهذا المعنى فى فصل تعظيم العلم وأهله (ص 85) ولنا تعليق عليه هناك فليراجع.
[241]   يظهر لنا من معنى الحديث أنه موضوع، ولم نعثر على حديث قريب من معناه كما أن بعض ألفاظه لم ترد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، عدا هذا فإن المصنف عزا الرواية إلى (بعضهم) ولم يسم مما يؤيد رأينا الذى أبديناه، ثم إن مثل هذا التهديد مستغرب فإن التقوى والخشوع فضل يؤتيه الله من يشاء من عباده وعلى المرء أن يلتمس الأسباب. وفى هذا المعنى قال الشافعى قوله المشهور: طلبنا العلم لغير الله، فأبى العلم أن يكون إلا الله.
[242]   الأرجح أن يكون: محمد بن الفضل، أبو بكـــر الفضلى الكـــمارى، قال اللكنوى فـى الفوائد البهيمة (ص 184) (كان إماما كبيرا وشيخا جليلا معتمدا فى الرواية، توفى 381/ 991).
[243]   أى متبعا لسنة النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع أعماله وأوامره.
[244]   المصر: المدينة.
[245]   التهاون بالفرائض والسنن والأدب الشرعية أمر منهــي عنه بكــــثرة، ولكــننا لم نجد حديثا بلفظه.
[246]   عمر بن محمد النسفى، فقيه محدث أديب كثير التصانيف، قال السمعانى: كان له شعرحسن مطبوع على طريقة الفقهاء وهو شيخ صاحب الهداية توفى بسمرقندعام 537/ 114.
[247]   فى الشعر اقتباس من القرآن الكريم من سورة يوسف، الآية 64.
[248]   لا تهجعوا: لا تناموا، الورى: الخلق، وفى الشعر اقتباس من القرآن من سورة الذاريات، الآية 17.
[249]   المراد هنا: الجيب.
[250]   نظرا: أى تلاوة من المصحف.
[251]   روى مكحول عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل عبادة أمتى قراءة القرآن نظرا. ورواه الحكيم الترمذى، وهو حديث ضعيف، انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 2/ 28، والتذكار فى أفضل الأذكارللقرطبى أيضا ص 115، وقال النووى فى الأذكار (ص 10): قراءة القرآن فى المصحف أفضل من القراءة من حفظه، هكذا قال أصحابنا ـ يعنى الشافعية ـ وهو مشهور عن السلف.
[252]   لعله شداد بن حكيم، من أصحاب زفر، وقد تولى القضاء، توفى عام 210/ 825 (الجواهر المضيئة 1/ 256).
[253]   أورده الأبشيهى فى المبسوط قائلا: (ووجد فى بعض الآثار عن بعضهم أنه قال: إذا أردت أن تكون احفظ الناس فقل عند رفع الكتاب ...) 1/ 22
[254]   ذكر الأبشيهى ( وإذا أردت أن ترزق الحفظ فقل خلف كل صلاة المكتوبة ...) 1/ 22.
[255]   فى ألصل المخطوط ( وقيل ...) والتصحيح من المطبوع، ومن شهرة نسبة الشعر إلى الشافعى.
[256]   الوكيع: من له قلب واع وعينان تنظران، وكان وكيع بن الجراح المتوفى عام 197/ 812 من شيوخ الإمام الشافعى، فلا يستغرب أن تكون شكواه إلى شيخه وكيع، أو إلى شخص آخر واع وبصير.
[257]   ورواية الشافعى لهذا البيت:
وأخبر نى بأن العلمنور                  ونور الله لا يهدى لعاصى
  ورواية الأصل قد لا تستقيم وزنا.
[258]   روى عن الزهرى فى شرب العسل: عليك بالعسل فإنه جيد للحفظ؛ الطب النبوى لابن القيم 263.
[259]   الكندر: كلمة فارسية تعنى اللبان، وقد ورد فيه حديث لا يصح: بخروا بيوتكم باللبان والصعنر؛  ويذكر عن ابن عباس أن شربه مع السكر على الريق جيد للبول والنسيان. قارن الطب النبوى ص 301.
[260]   قال ابن القيم عن الزبيب: روى فيه حديثان لا يصحان، أحدهما: نعم الطعام الزبيب: يطيب النكهة ويذيب البلغم؛ وهذا مما لا يصح عن رسول الله، ص 245.
[261]   الإهتمام ببعض المأكولات أو الأشربة التى يعتقد أنها تزيد فى الحفظ هو اعتقاد قديم ومعروف، ويروى لنا ابن خلكان ( 3/ 45) أن جماعة من الطلاب شربوا قدرا من البلاذر محلولا بالماء لأجل سرعة الحفظ والفهم، فحصل لأحدهم الجنون ... ( نقلا عن تاريخ العرب 2/ 498).
[262]   فى الأصل: عمر بن حسن، والتصحيح من ترجمته السابقة.
[263]   المرور بين قطار الجمل: أى المشي بين جملين مقطورين إلى بعضها.
[264]   قارن بالــطب النبوى لابن القيم حــيث أورد هـــذه الأسباب، وقال: إن أكــثرها معروف بالتجربة. ص 302.
[265]   رواه الامام أحمد وابن ماجه, ولفظه عند الامام أحمد برواية عن ثوبان (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه, ولا يرد القدر إلا بالدعاء, ولا يزيد فى العمر إلا البر).
[266]   لم أجد حديثا بهذا المعنى.
[267]   أي تخليل الأسنان.
[268]   المبرز: مكن الغائط.
[269]   أي وضع غطاء عليها إذا كان فيها طعام أو شراب.
[270]  لا يقصد الآثار التي هي بمعنى الحاديث الموقوفة على الصحابة كما هو المتبادر !! وإنما أراد الاخبار عن مشايخه!.
[271]   حديث (استنزلوا الرزق بالصدقة) ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير للألبانى طبع المكتب الإسلامى رقم 931.
[272]   وورد هذا المعنى فى حديث رسول الله (اللهم بارك لأمتى فى بكورها) رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه.
[273]   الحسن بن على: حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان عاقلا حليما محبا للخير من أحسن الناس منطقا وبديهة ولد وتوفى بالمدينة مسموما عام50/ 670 (الاصابة 1/ 328).
[274]   ورد فى هذا أحاديث ضعيفة وموضوعة كحديث (من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا) انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألبانى رقم 289- 291 وقارن المستطرف للأبشيهى 1/ 19.
[275]   بزرجمهر بن البختكان Buzurgmihr : شخصية فارسية تحاط بأساطير كثيرة فى المؤلفات العربية، ذكر فى كليلة ودمنة بوصفه وزيرا لكسرى أنو شروان (531- 578 م) وتختلف الروايات بشأن وفاته (قوانين الوزارة وسياسة الملك ص 133، الهامش 3).
[276]   قارن مجمع الأمثال للميدانى 2/ 455.
[277]   ذكره الغزالى فى الإحياء كحديث لرسول الله، وعلق عليه الحافظ العراقى: أخرجه المستغقرى فى الدعوات من حديث ابن عمر وقال غريب من حديث مالك ولا أعرف له أصلا. ثم أورد حديثا بهذا المعنى (سبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيئ وبها يرزق الخلق) وإسناده صحيح 1/ 299.
[278]   فى العديد من أحاديث رسول الله ما يحض على ذكر الله وعلى التسبيح ليلا ونهارا وفى كل حال، وعلى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم.
[279]   رواه الترمذى عن على وقال: حديث حسن ولفظه (اللهم اكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عن سواك)، ولكن لم أجد ما يخصص هذا الدعاء بيوم الجمعة.
[280]   كذا فى الأصل، وصحتها أن تكون للمخاطب لينتظم السياق .. لم تلد .. الخ، ويظهر أن الناسخ استعمل النظم القرآنى.
[281]   المعنى وارد فى الحديث المروى فى أول هذا الفصل.
[282]   روى فى الصحيحين عن أنس: من أحب أن يبسط له فى رزقه وأن ينسأ له فى أثره فليصل رحمه؛ مختصر شعب الإيمان 195، صلة الرحيم تزيد فى العمر؛ قول نسبه الميدانى فى مجمع الأمثال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 2/ 449).
[283]   وبهذا المعنى روى حديث عن جويرية، ولفظ التسبيح فيه: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته؛ رواه مسلم والإمام أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه.
   والقصد من ذكر هذه الأوصاف التى لا نهاية لمعانيها إثبات الثناء على الله بلا نهاية، قارن المنار المنيف لابن القيم 34-38.
[284]    فى الأصل المخطوط: وقراءة القرآن، والتصحيح من النسخة الأخرى ومن سياق الكلام.
[285]   أبو العباس، جعفر بن محمد المستغفرى، كان فقيها محدثا حافظا، له كتاب الطب النبوى، توفى عام 432/ 1040 (كشف الظنون 1095) ومستغفرى نسبة إلى جده المستغفر. (الجواهر 2/ 347).
[286]   زيادة من المخطوطتين.
[287]   وهذا الدعاء الأخير هو من المطبوع.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar